بِوَاحِدٍ، كَمَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْفَرْعَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَالْهِنْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي اخْتَارَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ، فَلَا تُشْتَرَطُ فِي جَرْحِ رِوَايَتِهِمْ وَتَعْدِيلِهِمْ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَحَاصِلُ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّ تَعْدِيلَ الرَّاوِي: هَلْ يَجْرِي مَجْرَى الْخَبَرِ أَوْ مَجْرَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ؟ قَالَا: وَفِي جَوَازِ كَوْنِ الْمُحَدِّثِ أَحَدَهُمَا وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ عُدِلَ بِشُهُودِ الْأَصْلِ، وَجَعَلَا الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي التَّعْدِيلِ، وَجَزَمَا فِي الْجَرْحِ بِالتَّعَدُّدِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى بَاطِنٍ مَغِيبٍ، وَأَجْرَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ فِيهِ كَالتَّعْدِيلِ بِوَاحِدٍ.
[تَزْكِيَةُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ] وَحَيْثُ اكْتَفَيْنَا بِتَعْدِيلِ الْوَاحِدِ، فَأُطْلِقَ فِي الْمَحْصُولِ قَبُولُ تَزْكِيَةِ الْمَرْأَةِ، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ النِّسَاءُ فِي التَّعْدِيلِ، لَا فِي الشَّهَادَةِ وَلَا فِي الرِّوَايَةِ، ثُمَّ اخْتَارَ قَبُولَ قَوْلِهَا فِيهِمَا، كَمَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهَا، وَشَهَادَتُهَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. وَأَمَّا تَزْكِيَةُ الْعَبْدِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ قَبُولُهَا فِي الْخَبَرِ دُونَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُ مَقْبُولٌ، وَشَهَادَتَهُ مَرْدُودَةٌ. وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمَحْصُولِ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا سُؤَالُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيرَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ عَنْ حَالِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَجَوَابُهَا لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute