تَسَاوِيهِمَا فِي الْعَدَدِ. أَمَّا إذَا زَادَ عَدَدُ الْمُجَرِّحِينَ فَلَا وَجْهَ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَاجِيُّ فَقَالَ: لَا خِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الْجَرْحِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا شَكَّ فِيهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ إجْمَاعًا عَلَى نَقْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ. قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ عَدْلٌ، وَالْآخَرُ هُوَ مَجْرُوحٌ، قُدِّمَ الْجَرْحُ قَطْعًا، وَلَا يَحْسُنُ فِيهِ إجْرَاءُ خِلَافٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ مَبْنَاهُ عَلَى الظَّاهِرِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ. قَالَ الْبَاجِيُّ: فَلَوْ نَصَّ الْمُجَرِّحُ عَلَى سَبَبِهِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، وَنَفَاهُ الْعَدَدُ، تَعَارَضَا. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الْهِنْدِيُّ فِي " النِّهَايَةِ ": مَتَى كَانَ الْجَرْحُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَيَّنًا بِذِكْرِ سَبَبِهِ، وَلَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُهُ كَقَوْلِهِ: رَأَيْته يَشْرَبُ أَوْ سَمِعْت مِنْهُ الْكَذِبَ، قُدِّمَ عَلَى التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا الْمُعَدِّلُ، وَلَا نَفَاهَا، فَإِنْ نَفَاهَا بَطَلَتْ عَدَالَتُهُ؛ لِعِلْمِنَا بِمُجَازَفَتِهِ وَجَزْمِهِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْجَزْمُ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بِذِكْرِ سَبَبٍ يَنْضَبِطُ بِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ كَقَوْلِهِ: رَأَيْته قَدْ قَتَلَ فُلَانًا، فَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُعَدِّلُ لِنَفْيِهِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّعْدِيلِ مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ سَبَبِهِ فَكَالْعَدِمِ وَإِنْ تَعَرَّضَ لِنَفْيِهِ بِأَنْ قَالَ: رَأَيْته حَيًّا، بَعْدَ ذَلِكَ فَهُمَا يَتَعَارَضَانِ، وَيُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ بِنَحْوِ كَثْرَةِ الْعَدَدِ وَالضَّبْطِ وَزِيَادَةِ الْوَرَعِ وَغَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute