للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: عَكْسُهُ، وَهُوَ تَقْدِيمُ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ قَدْ يَجْرَحُ بِمَا لَيْسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ جَارِحًا، وَالْمُعَدِّلُ إذَا كَانَ عَدْلًا مُثْبِتًا لَا يُعَدِّلُ إلَّا بَعْدَ تَحْصِيلِ الْمُوجِبِ لِقَبُولِهِ جَزْمًا. حَكَاهُ الطَّحْطَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِالْجَرْحِ غَيْرِ الْمُفَسَّرِ.

وَالثَّالِثُ: يُقَدَّمُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْجَارِحِينَ أَوْ الْمُعَدِّلِينَ. حَكَاهُ فِي " الْمَحْصُولِ "؛ لِأَنَّ كَثْرَتَهُمْ تُقَوِّي حَالَهُمْ، وَرَدَّهُ الْخَطِيبُ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَانِ، فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِمُرَجِّحٍ، حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ثُمَّ جَعَلَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ عَدَدُ الْمُعَدِّلِينَ أَكْثَرَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ الْجَرْحُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي " الْكِفَايَةِ "، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فِي " الْأَحْكَامِ "، وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا، فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَمِمَّنْ حَكَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَأَنَّهُ نُصِبَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اسْتَوَى عَدَدُ الْمُعَدِّلِينَ وَالْجَارِحِينَ. قَالَ: فَإِنْ كَثُرَ عَدَدُ الْمُعَدِّلِينَ، وَقَلَّ عَدَدُ الْجَارِحِينَ، تَقَبُّلُ الْعَدَالَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْلَى.

وَاخْتَارَ الْقَاضِي تَقْدِيمَ الْجَرْحِ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: قَدْ حَكَى ابْنُ شَعْبَانَ فِي كِتَابِهِ " الزَّاهِي " الْخِلَافَ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>