للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَطْعِيٍّ، وَهُوَ خَبَرُ التَّوَاتُرِ، أَوْ ظَنِّيٍّ وَهُوَ خَبَرُ الثِّقَةِ، وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ الصُّحْبَةَ الْيَسِيرَةَ، وَقُلْنَا بِالِاكْتِفَاءِ بِهَا فِي مُسَمَّى الصَّحَابِيِّ فَيُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَعَذَّرُ إثْبَاتُهُ بِالنَّقْلِ إذْ رُبَّمَا لَا يَحْضُرُهُ حَالَةَ اجْتِمَاعِهِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَوْ حَالَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهُ، وَإِنْ ادَّعَى طُولَ الصُّحْبَةِ، وَكَثْرَةَ التَّرَدُّدِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُشَاهَدُ وَيُنْقَلُ وَيُشْتَهَرُ، فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ. وَلَمْ يَقِفْ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى نَقْلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: لَوْ قَالَ الْمَعَاصِرُ الْعَدْلُ: أَنَا صَحَابِيٌّ اُحْتُمِلَ الْخِلَافُ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا الْإِخْبَارُ عَنْ أَحَدٍ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الْعِلْمِ بِهِ، إمَّا اضْطِرَارًا أَوْ اكْتِسَابًا، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُخْبَرَ بِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّحَابِيُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُنَيْنِ بْنِ جَمِيلَةَ، قَالَ: زَعَمَ أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَخَرَجَ مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ. أَمَّا إذَا أَخْبَرَ عَنْهُ عَدْلٌ مِنْ التَّابِعِينَ أَوْ تَابِعِيهِمْ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، قَالَ بَعْضُ " شُرَّاحِ اللُّمَعِ ": لَا أَعْرِفُ فِيهِ نَقْلًا. قَالَ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ، كَمَا لَا يُقْبَلُ مِنْ ذَلِكَ مَرَاسِيلُهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ قَضِيَّةٌ لَمْ يَحْضُرْهَا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>