للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوَاةَ الزِّيَادَةِ أَوْ غَيْرَهُمْ، تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْكَثْرَةِ، فَإِنَّهَا عَنْ الْخَطَأِ أَبْعَدُ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّمَ الْأَحْفَظُ وَالْأَضْبَطُ، فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّمَ الْمُثْبِتُ عَلَى النَّافِي، وَقِيلَ: النَّافِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ نَافَتْ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ اُحْتِيجَ لِلتَّرْجِيحِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، كَحَدِيثِ: عِتْقِ بَعْضِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) رَوَى الِاسْتِسْعَاءَ، وَابْنُ عُمَرَ لَمْ يَرْوِهِ، بَلْ قَالَ: «وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» ، وَهِيَ تُنَافِي الِاسْتِسْعَاءَ، وَإِنْ لَمْ تُنَافِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّرْجِيحِ، بَلْ يُعْمَلُ بِالزِّيَادَةِ إذَا أُثْبِتَتْ كَمَا فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، كَقَوْلِ أَنَسٍ: «رَضَخَ يَهُودِيٌّ رَأْسَ جَارِيَةٍ فَرَضَخَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ» رَوَاهُ بَعْضُهُمْ هَكَذَا مُطْلَقًا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: «فَأَخَذَ الْيَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ، فَرَضَخَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ» وَهِيَ رِوَايَةُ الصَّحِيحَيْنِ.

[مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ] قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ خُصُوصًا الْمُتَقَدِّمِينَ، كَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَمَنْ بَعْدَهُمَا كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَهَذِهِ الطَّبَقَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، كَالْبُخَارِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيَّيْنِ، وَمُسْلِمٍ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَأَمْثَالِهِمْ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، كُلِّ هَؤُلَاءِ مُقْتَضَى تَصَرُّفِهِمْ فِي الزِّيَادَةِ قَبُولًا وَرَدًّا التَّرْجِيحُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يَقْوَى عِنْدَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ فِي كُلِّ حَدِيثٍ، وَلَا يَحْكُمُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِحُكْمٍ كُلِّيٍّ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَحَادِيثِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الصَّوَابُ فِي نَظَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>