وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ تَفْسِيرُ مَقَالِ الشَّرْعِ بِلُغَةِ الْعَجَمِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ لَهُمْ. وَأَمَّا الْمُجْتَهِدُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ حَتَّى يَنْقُلَ إلَيْهِ لَفْظَ الشَّارِعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَبِلَهُ بِالْمَعْنَى صَارَ مُقَلِّدًا، وَفِي الصَّحَابِيِّ إذَا نَقَلَهُ بِالْمَعْنَى فَلَا فَرْقَ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي الْمَنْعُ مُطْلَقًا، بَلْ يَجِبُ نَقْلُ اللَّفْظِ بِصُورَتِهِ، سَوَاءٌ الْعَالِمُ وَغَيْرُهُ. وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ، وَأَهْلِ التَّحَرِّي فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ: إنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ مُعْظَمِ الْمُحَدِّثِينَ، وَبَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ. وَحَكَاهُ غَيْرُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْوَاضِحِ عَنْ الظَّاهِرِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ ابْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ أَجَابَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، وَوَهَمَ صَاحِبُ " التَّحْصِيلِ "، فَعَزَاهُ لِلشَّافِعِيِّ وَحَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ ثَعْلَبٍ مِنْ النَّحْوِيِّينَ، أَيْ لِأَجْلِ إنْكَارِ أَصْلِ التَّرَادُفِ فِي اللُّغَةِ. وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ: لَا يُنْقَلُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَعْنَى، بِخِلَافِ حَدِيثِ النَّاسِ، لَكِنْ قَالَ الْبَاجِيُّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ، فَقَدْ نَجِدُ الْحَدِيثَ عَنْهُ تَخْتَلِفُ أَلْفَاظُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ لِلْعَالِمِ النَّقْلُ عَلَى الْمَعْنَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute