للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ حَدِيثِهِمَا بَيَّنَا مِمَّنْ سَمِعَاهُ، وَهُوَ حُجَّةٌ أَيْضًا، وَنَقَلَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِهِ، بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كِتَابِ التَّقْرِيبِ " التَّصْرِيحَ، وَالْجَزْمَ بِأَنَّهُ عَلَى السَّمَاعِ. وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمًا الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ " حَكَاهُ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ، وَأَنَّ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ حَكَاهُ فِي " التَّبْصِرَةِ " عَنْ الْأَشْعَرِيِّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ الْحَنَابِلَةِ، وَنَسَبَهُ لِلْأَشْعَرِيَّةِ أَيْضًا، وَنَحْوُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مَرَاسِيلَ الصَّحَابَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا أَطْلَقَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ السَّمَاعَ، وَلَيْسَ الْمُسْتَنَدُ هَذَا اللَّفْظَ، بَلْ اسْتِقْرَاءُ عَادَتِهِمْ فِي النَّقْلِ.

الثَّالِثَةُ: أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا، أَوْ نَهَى عَنْ كَذَا، أَوْ قَضَى بِكَذَا، فَهَذَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ احْتِمَالُ الْوَاسِطَةِ مَعَ احْتِمَالِ ظَنِّهِ مَا لَيْسَ بِأَمْرٍ أَمْرًا. لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الصَّحَابِيِّ خِلَافُهُ، فَلِذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ. وَخَالَفَ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ، فَقَالَ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ حَتَّى يَنْقُلَ لَفْظَ الرَّسُولِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: هَكَذَا سَمِعْت الْقَاضِيَ أَبَا الْحَسَنِ الْحَرِيرِيَّ يَقُولُهُ وَيَحْكِيهِ مِنْ مَذْهَبِ دَاوُد، وَسَمِعْت ابْنَ بَيَانٍ الْقَصَّارَ وَكَانَ دَاوُد يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَقُولُ يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، هَكَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>