للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَرْجَمَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ: أَمَرَنَا، وَاحْتَجَّ فِي أَثْنَائِهَا بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلِذَلِكَ يُحْمَلُ: أَمَرَنَا عَلَى الْوُجُوبِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مُسَاعِدَتِهِمْ فِي النَّهْيِ، وَمِمَّا يُسَاعِدُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْحَرِيرِيِّ مَا رَأَيْته فِي كِتَابِ " الْإِعْذَارِ الرَّادِّ عَلَى كِتَابِ الْإِنْذَارِ " لِأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ السِّرَاجِ عَنْ الظَّاهِرِيَّةِ أَوْ مَنْ ذَهَبَ مِنْهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْحَدِيثَ إلَّا إذَا قَالَ رَاوِيهِ: سَمِعْت وَأَخْبَرَنَا، حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا أَوْ أُمِرْنَا بِكَذَا لَيْسَ بِمُسْنَدٍ. وَتَكَلَّمَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَقَامَاتٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّحَابِيَّ عَلِمَ كَوْنَ ذَلِكَ أَمْرًا بِذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ مُحْتَمَلٍ عِنْدَهُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَحُكِيَ فِي هَذِهِ خِلَافُ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ. قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي طَرِيقِ عِلْمِ الرَّاوِي بِكَوْنِ الْفِعْلِ أَمْرًا، فَقِيلَ بِقَوْلِهِ: افْعَلُوا، وَأَمَرْتُكُمْ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ كَوْنَهُ مُرِيدًا الِامْتِثَالَ الْمَأْمُورَ بِهِ. قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَعْلَمَ بِقَوْلِهِ: أَمَرْتُكُمْ بِكَذَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ كَذَا، وَبِقَوْلِهِ: افْعَلُوا. وَيَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ الْأَحْوَالِ مَا يُعْلَمُ بِهِ قَصْدُ الرَّسُولِ إلَى الْأَمْرِ، وَهَذَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا صِيغَةَ لِلْأَمْرِ. وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّقْرِيبِ "، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ " فِي هَذَا الْمَقَامِ قَوْلًا بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النَّاقِلُ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاللُّغَةِ، فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ كَنَقْلِهِ لَفْظَةَ الْأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِاللُّغَةِ فَلَا يُجْعَلُ كَذَلِكَ. قَالَ: فَقَالَ الْقَاضِي: وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْنَى الْمَنْقُولِ بِحَيْثُ تَعْتَوِرُ عَلَيْهِ الْعِبَارَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ فَلَا يُجْعَلُ نَقْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>