لَفْظُ الْإِجَازَةِ، وَلَا الْمُنَاوَلَةِ، وَلَكِنْ اصْطَلَحَ الْمُحَدِّثُونَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمُنَاوَلَةِ وَالْإِجَازَةِ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ قَدْ يَقُولُ: هَذَا سَمَاعِي، وَيَعْنِي بِهِ أَكْثَرَهُ، أَوْ رُبَّمَا كَانَ أَحْكَمَ حُرُوفَهُ، فَإِذَا قَالَ: أَجَزْت لَك أَنْ تَرْوِيَهُ عَنِّي، كَانَ دَالًّا عَلَى الثَّبْتِ، وَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ تَحَمُّلُ الْفَرْعِ شَهَادَتَهُ. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ مُحْتَمَلٌ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِقْصَاءِ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ إذَا قَالَ: هُوَ سَمَاعِي، صَارَ مُخْبِرًا عَنْ آحَادِ مَا فِي الْكِتَابِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلِلْقَارِئِ أَنْ يَقُولَ: قَرَأْت عَلَى فُلَانٍ، وَلِلسَّامِعِ أَنْ يَقُولَ: قَرَأَ عَلَيَّ فُلَانٌ، وَأَنَا أَسْمَعُ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنَا، أَوْ أَخْبَرَنَا، قِرَاءَةً عَلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَخْبَرَنِي، أَوْ حَدَّثَنِي قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَوْ قَرَأْت عَلَيْهِ، وَهُوَ سَاكِتٌ مُقَرِّرٌ، فَإِنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ لَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ قَرَأَهُ تَصْرِيحًا، وَأَنْ يَكُونَ مُكْتَفِيًا بِالسُّكُوتِ، فَالِاحْتِيَاطُ التَّمْيِيزُ وَأَمَّا إطْلَاقُ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرْنَا فَفِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا: الْمَنْعُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَالنَّسَائِيُّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا يَقْتَضِي أَنَّ الشَّيْخَ تَوَلَّى الْقِرَاءَةَ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ": إنَّهُ الصَّحِيحُ. قَالَ: وَلِذَلِكَ لَا يَقُولُ: سَمِعْت وَالثَّانِي: التَّجْوِيزُ، وَأَنَّهُ كَالسَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ، وَبِهِ قَالَ: الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَالْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَكَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا فِيمَا سَمِعُوهُ، وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute