للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ، حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْرَأَهُ، وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي: لَا يَقْبَلُهُ حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّ الْقَاضِيَ قَرَأَهُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَشْهَدَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَخْتُومًا حَتَّى يُقْرَأَ عَلَيْهِمَا، وَالْحَدِيثُ أَخَفُّ مِنْ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ، إذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ حَدِيثُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي أَشْيَاعِهِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ فِي الصِّكَاكِ. انْتَهَى. وَكَلَامُ الْبَيْهَقِيّ يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْمَنْعُ، فَإِنَّهُ حَكَى عَنْ السَّلَفِ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ نَصَّ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، وَحَتَّى يَفْتَحَهُ وَيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْخَاتَمَ قَدْ يُصْنَعُ عَلَى الْخَاتَمِ، وَحَكَى فِي تَبْدِيلِ الْكِتَابِ حِكَايَةً، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَفِي ذَلِكَ جَوَابٌ عَنْ احْتِجَاج مَنْ احْتَجَّ بِقِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ التَّبْدِيلَ فِيهَا كَانَ غَيْرُ مُتَوَهَّمٍ، وَهُوَ بَعْدَهُ عِنْدَ تَغَيُّرِ النَّاسِ مُتَوَهَّمٌ. انْتَهَى.

وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الرِّوَايَةِ أَيْضًا فَلْتَمْتَنِعْ. نَعَمْ، اخْتَلَفُوا فِي شَيْئَيْنِ. أَحَدُهُمَا: هَلْ هِيَ حَالَّةٌ مَحَلَّ السَّمَاعِ؟ . وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُنْحَطَّةٌ عَنْهُ، وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَصَاحِبَيْهِ: الْمُزَنِيّ، وَالْبُوَيْطِيُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا مُوَازِيَةٌ لِلسَّمَاعِ، وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْإِجَازَةُ وَالْمُنَاوَلَةُ عِنْدِي كَالسَّمَاعِ الصَّحِيحِ. وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي. الثَّانِي: أَنَّهَا هَلْ تُفِيدُ تَأْكِيدًا عَلَى الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ؟ فَالْمُحَدِّثُونَ عَلَى إفَادَتِهَا، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأُصُولِيُّونَ، وَرَأَوْا أَنَّهَا لَا تُفِيدُ تَأْكِيدًا، صَرَّحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>