وَالرَّابِعُ: إنْ كَانَ الْمُجِيزُ وَالْمُسْتَجِيزُ كِلَاهُمَا يَعْلَمَانِ مَا فِي الْكِتَابِ مِنْ الْأَحَادِيثِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَنَقَلُوهُ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُ شَرَطَ فِي الْمُجِيزِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يُجِيزُ، وَفِي الْمُجَازِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ الْإِجَازَةُ بِكُلِّ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ مَسْمُوعِ الشَّيْخِ ضَرُورَةً أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ جَمِيعَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ. وَالْخَامِسُ: لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْمُخَاطَبَةِ، فَإِنْ خَاطَبَهُ بِهَا صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. حَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ " الْأُصُولِ ".
التَّفْرِيعُ إنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَاخْتَلَفُوا فِي مَسَائِلَ. إحْدَاهَا: هَلْ تَجُوزُ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطٍ؟ فَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُونَ، وَسَبَقَ عَنْ مَالِكٍ اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْمُجِيزِ وَالْمُجَازِ لَهُ، وَعَلَى هَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا تَجُوزُ الْإِجَازَةُ إلَّا لِمَاهِرٍ بِالصِّنَاعَةِ، وَفِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يُشْكِلُ إسْنَادُهُ. وَقَسَّمَ إلْكِيَا الطَّبَرِيُّ الْإِجَازَةَ إلَى قِسْمَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمَ الْمُجَازُ لَهُ مَا فِي الْكِتَابِ فَلَهُ الرِّوَايَةُ بِهَا. وَالثَّانِي: لَا يَعْلَمُ، وَلَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ: أَجَزْت لَك أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي، فَلَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ، إذَا كَانَ الْكِتَابُ يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ. قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُمَا فَالْمُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ، وَلَمْ يَعْلَمْ وَإِذَا كَانَ لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ لَهُ إذَا سَمِعَ وَلَمْ يَعْلَمْ، فَهَذَا أَوْلَى.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ تَوْسِعَةً لِلْأَمْرِ، وَدَفْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute