وَأَبُو أُمَامَةَ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ سَمَّاهُ، وَرَوَى لَهُ النَّسَائِيّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ.
وَكَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، فَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَبَا أُمَامَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ تَابِعِيِّينَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَأَصْلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ مُرْسَلَ الثِّقَةِ تَجِبُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَيَلْزَمُ بِهِ الْعَمَلُ، كَمَا تَجِبُ بِالْمُسْنَدِ سَوَاءٌ. قَالَ: مَا لَمْ يَعْتَرِضْهُ الْعَمَلُ الظَّاهِرُ بِالْمَدِينَةِ. وَالثَّانِي: قَالَ: - وَبِهِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا - مَرَاسِيلُ الثِّقَاتِ أَوْلَى، وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ مَنْ أَسْنَدَ لَك، فَقَدْ أَحَالَك عَلَى الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْ سَمَّاهُ لَك، وَمَنْ أَرْسَلَ مِنْ الْأَئِمَّةِ حَدِيثًا مَعَ عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَثِقَتِهِ فَقَدْ قَطَعَ لَك بِصِحَّتِهِ. قَالَ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحُجَّةِ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ فَعَلُوا الْأَمْرَيْنِ. قَالَ: وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو الْفَرَجِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِكِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ. وَزَعَمَ الطَّبَرِيِّ أَنَّ التَّابِعِينَ بِأَسْرِهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِ الْمُرْسَلِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ إنْكَارُهُ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ إلَى رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ، كَأَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوَّلَ مَنْ أَبَى قَبُولَ الْمُرْسَلِ. وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ، فَلَا إجْمَاعَ سَابِقٌ، فَفِي مُقَدَّمَةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ مُرْسَلَ بَعْضِ التَّابِعِينَ، وَكَانَ مِنْ الثِّقَاتِ الْمُحْتَجِّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا لَا يَسْأَلُونَ عَنْ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَنَنْظُرُ إلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، فَنَأْخُذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute