عَنْهُمْ، وَإِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا نَأْخُذُ عَنْهُمْ.
وَنَقَلَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمُرْسَلَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَنْ إمَامِ التَّابِعِينَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرِهِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ، وَلَكِنْ دُونَ الْمُسْنَدِ، كَالشُّهُودِ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْعَدَالَةِ. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمَالِكِيِّ الْبَصْرِيِّ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، بَلْ هُوَ مَرْدُودٌ، وَنَقَلَهُ عَنْ سَائِرِ أَهْلِ الْفِقْهِ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي كُلِّ الْأَمْصَارِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى الْحَاجَةِ إلَى عَدَالَةِ الْمُخْبِرِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ثُمَّ إنِّي تَأَمَّلْت كُتُبَ الْمُنَاظِرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ مَنْ خَصَمَهُ إذَا احْتَجَّ عَلَيْهِ بِمُرْسَلٍ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَبَرًا مَقْطُوعًا، وَكُلُّهُمْ عِنْدَ تَحْصِيلِ الْمُنَاظَرَةِ يُطَالِبُ خَصْمَهُ بِالِاتِّصَالِ فِي الْأَخْبَارِ. قَالَ: وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ التَّنَازُعَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ مَنْ لَا يَقْبَلُ الْمُرْسَلَ، وَبَيْنَ مَنْ يَقْبَلُهُ. فَإِنْ احْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقْبَلُهُ عَلَى مَنْ لَا يَقْبَلُهُ يَقُولُ لَهُ: فَأْتِ بِحُجَّةٍ غَيْرِهِ، وَإِنْ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَا يَقْبَلُهُ عَلَى مَنْ يَقْبَلُهُ، قَالَ لَهُ كَيْفَ تَحْتَجُّ عَلَيَّ بِمَا لَيْسَ حُجَّةً عِنْدَك؟ وَنَحْوُ هَذَا، وَلَمْ نُشَاهِدْ نَحْنُ مُنَاظَرَةً بَيْنَ مَالِكِيٍّ يَقْبَلُهُ، وَبَيْنَ حَنَفِيٍّ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ مَذْهَبَهُ. وَيَلْزَمُ عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِمَا فِي ذَلِكَ قَبُولُ كُلِّ وَاحِدٍ خَبَرَ صَاحِبِهِ الْمُرْسَلَ إذَا أَرْسَلَهُ ثِقَةٌ عَدْلٌ مَا لَمْ يَعْتَرِضْهُ مِنْ الْأُصُولِ مَا يَدْفَعُهُ. قَالَ: وَأَمَّا الْإِرْسَالُ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْأَخْذِ مِنْ الضُّعَفَاءِ وَالْمُسَامَحَةِ فِي ذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute