مُرْسَلَ سَعِيدٍ حُجَّةٌ فَقَطْ، وَيَشْهَدُ لَهُ عِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ " أَنَّهُ حَسَنٌ، لَكِنْ أَشَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى أَنَّ الرَّهْنَ الصَّغِيرَ مِنْ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ كُتُبِ الْأُمِّ "، قَالَ: وَلِذَلِكَ نَسَبَ الْمَاوَرْدِيُّ قَبُولَ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ إلَى الْقَدِيمِ، فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ الرِّبَا فِي تَعْلِيقِهِ: اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي مُرْسَلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ يَقُولُ بِهِ، وَفِي الْجَدِيدِ يُحَسِّنُهُ وَيُقَوِّي بِهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأُصُولُ، وَإِنَّمَا قَالَ بِهِ فِي الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ مَرَاسِيلِهِ إذَا تُتُبِّعَ وُجِدَ مُتَّصِلًا. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ: لَا يُقْبَلُ الْمُرْسَلُ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: إنَّ إرْسَالَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ كَشَفَ عَنْ حَدِيثِهِ، فَوَجَدَهُ مُتَّصِلًا، فَاكْتَفَى عَنْ طَلَبِ كُلِّ حَدِيثٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ، وَيَتَقَوَّى بِهِ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ لَا مَحَالَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَى آخِرِهِ، فَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَهُ فِي الْجَدِيدِ فِي رَدِّهِ مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ فِي الْقَدِيمِ اسْتَثْنَى سَعِيدًا وَفِيهِ مَا سَبَقَ.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَأَمَّا مُرْسَلُ سَعِيدٍ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ بِهِ فِي كُتُبِهِ الْقَدِيمَةِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ تَخْصِيصَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ دُونَ غَيْرِهِ مَنْ مَذْهَبُهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ ظَهَرَ لِلشَّافِعِيِّ مَذْهَبُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْ حَدِيثًا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الْمُتَّصِلِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ عُرِفَ هَذَا فِي مُرْسَلِ غَيْرِهِ كَمُرْسَلِ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمَكْحُولٍ، كَانَ الْكَلَامُ فِيهِمْ كَذَلِكَ. وَقَالَ الْخَفَّافَ فِي كِتَابِ الْخِصَالِ ": لَا يَجُوزُ قَبُولُ الْمُرْسَلِ عِنْدَنَا إلَّا فِي صُورَتَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute