الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ عَنْ مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ كَافَّةً، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ إجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ. قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَنَعْنِي بِهَذَا أَنَّ مَا مِنْ وَاحِدٍ إلَّا وَيَتَعَلَّقُ بِهِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَسْنَا نَعْنِي أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ مُلْتَبِسٌ عَلَيْنَا، وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَحُكِيَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَيْضًا، وَالثَّانِي: وَبِهِ قَالَ الْمُعْتَزِلَةُ: الْكُلُّ وَاجِبٌ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ، وَقَالَ: الْكُلُّ وَاجِبٌ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالْبَدَلِ، وَإِذَا فُعِلَ بَعْضُهَا سَقَطَ بِهِ وُجُوبُ بَاقِيهَا، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ الْجُبَّائِيُّ وَابْنِهِ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ وَبَعْضِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ ": وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى. قَالَ الْبَاجِيُّ: وَاخْتَارَهُ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ مِنْ مَالِكِيَّةِ الْعِرَاقِ. قَالَ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ عِنْدَ الْمُكَلَّفِ، لَكِنْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا فِعْلَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَاخْتِيَارُهُ مُعَرِّفٌ، لَنَا أَنَّهُ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُكَلَّفِينَ. حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ مَعَ جَلَالَتِهِ. وَقَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": إنَّ أَصْحَابَنَا يَنْسُبُونَهُ إلَى الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ إلَى أَصْحَابِنَا، وَاتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ عَلَى فَسَادِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ ": لَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute