للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَيَّنٍ عِنْدَنَا كَانَ خِلَافًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَجَرَى مَجْرَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ. هَذَا مِمَّا لَا يَذْهَبُ إلَيْهِ أَحَدٌ. انْتَهَى، وَقَدْ عَلِمْتَ فَسَادَهُ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَخْتَلِفُ، فَإِنْ فَعَلَهُ الْمُكَلَّفُ فَذَاكَ، وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا وَسَقَطَ الْوَاجِبُ بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَصْحَابِ، فَهَلْ يَتَعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ أَوْ بِاخْتِيَارِهِ؟ وَجْهَانِ: وَالْأَوَّلُ: حَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ الْحَنْبَلِيُّ فِي تَمْهِيدِهِ " وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ "، وَأَغْرَبَ فَنَسَبَهُ إلَى الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إنَّهُ قَوْلُ مُعْظَمِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالثَّانِي: حَكَاهُ أَبُو يُوسُفَ فِي الْوَاضِحِ "، فَقَالَ: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ وَاحِدٌ، وَيَتَعَيَّنُ بِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الْوَاجِبَ مَا فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ يَخْتَارُهُ. قِيلَ: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ عَنْهُ غَيْرُهُ أَنْ لَا وُجُوبَ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَيَجِيءُ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ الْوَقْفُ، فَإِنْ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا فَهُوَ الْوَاجِبُ، كَمَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: إنَّ مَالِكَ النِّصَابِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ وَمِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا أَخْرَجَهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوُجُوبَ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهَا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ فِي الْعَيْنِ. وَيَجِيءُ قَوْلٌ آخَرُ: إنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الْخِصَالِ أَدْوَنَ كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>