للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُمْ حُجَّةً. اهـ.

وَهَذَا لَيْسَ مَحَلَّ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْمُجْتَهِدَ مَا دَامَ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ لَا يَكُونُ قَوْلُ غَيْرِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ، فَإِنْ رَجَعَ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ إلَى وَاحِدٍ، قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ اسْمَ الْإِجْمَاعِ يَسْتَدْعِي عَدَدًا، فَلَا أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ. وَالْمَذْهَبُ: انْعِقَادُ إجْمَاعِ الْأَكْثَرِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَقَلِّ، وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْخَيَّاطِ مِنْ مُعْتَزِلَةِ بَغْدَادَ أُسْتَاذِ الْكَعْبِيِّ، وَزَادَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْأَخْشَادِ مِنْ أَصْحَابِ الْجُبَّائِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثُمَّ رَدَّهُ بِمُخَالَفَةِ الصِّدِّيقِ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ فِي قِتَالِ الرِّدَّةِ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يَمِيلُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُحِيطِ ": وَالشَّرْطُ أَنْ يُجْمِعَ جُمْهُورُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ، وَوُجُوهُهُمْ وَمُعْظَمُهُمْ، وَلَسْنَا نَشْتَرِطُ قَوْلَ جَمِيعِهِمْ، وَكَيْفَ نَشْتَرِطُ ذَلِكَ وَرُبَّمَا يَكُونُ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ لَمْ يَسْمَعْ بِهِ، فَإِنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَيَسْتَسِرُّونَ بِالْعِلْمِ، فَرُبَّمَا كَانَ الرَّجُلُ قَدْ أَخَذَ الْفِقْهَ الْكَثِيرَ، وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ جَارُهُ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا اسْتَخْلَفُوا أَبَا بَكْرٍ انْعَقَدَتْ خِلَافَتُهُ، بِإِجْمَاعِ الْحَاضِرِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ غَابَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ، وَمِنْ حَاضِرِي الْمَدِينَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ السَّقِيفَةَ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ مَعَ اتِّفَاقِ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ ظَنِّيٌّ لَا قَطْعِيٌّ، وَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>