للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّافِعِيِّ: إنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ إذَا انْتَشَرَ فَإِجْمَاعٌ، وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ، هَذَا كَلَامُهُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ ": لَا تَغْتَرَّنَّ بِإِطْلَاقِ الْمُتَسَاهِلِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ السُّكُوتِيَّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، بَلْ الصَّوَابُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ حُجَّةٌ، وَإِجْمَاعٌ. وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ فِي الْأُصُولِ، وَمُقَدِّمَاتِ كُتُبِهِمْ الْمَبْسُوطَةِ فِي الْفُرُوعِ، كَتَعْلِيقَةِ " الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَالْحَاوِي "، وَمَجْمُوعِ الْمَحَامِلِيِّ ". وَالشَّامِلِ " وَغَيْرِهِمْ. انْتَهَى.

وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - احْتَجَّ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ " لِإِثْبَاتِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَبِالْقِيَاسِ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ عَمِلَ بِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْبَاقِينَ إنْكَارٌ لِذَلِكَ، فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا، إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ نَصًّا عَنْ جَمِيعِهِمْ، بِحَيْثُ لَا يَشِذُّ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا نُقِلَ عَنْ جَمْعٍ مَعَ الِاشْتِهَارِ بِسُكُوتِ الْبَاقِينَ لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْأُمِّ " بِخِلَافِهِ، فَقَالَ: وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَسَّمَ فَسَوَّى بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَلَمْ يُفَضِّلْ بَيْنَ أَحَدٍ بِسَابِقَةٍ وَلَا نَسَبٍ، ثُمَّ قَسَّمَ عُمَرُ، فَأَلْغَى الْعَبْدَ، وَفَضَّلَ بِالنَّسَبِ وَالسَّابِقَةِ، ثُمَّ قَسَّمَ عَلِيٌّ فَأَلْغَى الْعَبِيدَ، وَسَوَّى بَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ مَا أَعْطَوْهُ. قَالَ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ لِحَاكِمِهِمْ، وَإِنْ كَانَ رَأْيُهُمْ عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ. قَالَ: فَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا إجْمَاعٌ، وَلَكِنْ يُنْسَبُ إلَى أَبِي بَكْرٍ فِعْلُهُ، وَإِلَى عُمَرَ فِعْلُهُ، وَإِلَى عَلِيٍّ فِعْلُهُ، وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَخَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>