للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبِنْتِ، فَلَا يَكْفُرُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ كَالصَّلَاةِ كَفَرَ. وَثَالِثُهَا: أَنْ لَا يَبْلُغَهُ فَيُعْذَرُ فِي الْخَفِيِّ دُونَ الْجَلِيِّ، إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ فِي أَوَائِلِ التَّهْذِيبِ "، وَإِلْكِيَا، وَابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَغَيْرُهُمْ تَقْسِيمَ الْإِجْمَاعِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ. الْأَوَّلُ: مَا يَشْتَرِكُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ فِيهِ كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ وَرَكَعَاتِهَا، وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ، وَزَمَانِهِمَا وَتَحْرِيمِ الزِّنَى، وَالْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ، فَمَنْ اعْتَقَدَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ خِلَافَ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِخِلَافِهِ جَاحِدًا لِمَا قَطَعَ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَصَارَ كَالْجَاحِدِ لِصِدْقِهِ. قَالَ إلْكِيَا وَيَكْفُرُ مَخَالِفُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ الشَّرْعِ قَطْعًا، فَإِنْكَارُهُ كَإِنْكَارِ أُصُولِ الدِّينِ. وَالثَّانِي: إجْمَاعُ الْخَاصَّةِ فَقَطْ، وَهُوَ مَا يَنْفَرِدُ بِمَعْرِفَتِهِ الْعُلَمَاءُ كَتَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا، وَإِفْسَادِ الْحَجِّ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَتَوْرِيثِ الْجَدَّةِ السُّدُسَ، وَمَنْعِ تَوْرِيثِ الْقَاتِلِ، وَمَنْعِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ. فَإِذَا اعْتَقَدَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ خِلَافَ مَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ يُحْكَمُ بِضَلَالِهِ وَخَطَئِهِ، وَمَعْصِيَتِهِ بِإِنْكَارِ مَا خَالَفَ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَمِنْهُ أَنَّهُ يُجْمِعُ عُلَمَاءُ كُلِّ عَصْرٍ عَلَى حُكْمِ حَادِثَةٍ إمَّا قَوْلًا أَوْ فِعْلًا، فَهُوَ حُجَّةٌ لَكِنْ لَا يُكَفَّرُ جَاحِدُهُ، بَلْ يُخَطَّأُ وَيُدْعَى إلَى الْحَقِّ، وَلَا مَسَاغَ لَهُ فِيهِ لِاجْتِهَادٍ. اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ، لَا قَطْعِيٌّ. لَكِنْ حَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ خِلَافًا فِيمَنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ بِالضَّرُورَةِ، هَلْ يَكْفُرُ؟ فَقَالَ: فِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>