للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تَسْوِيغِ الذَّهَابِ وَرَأْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا. قُلْت: وَكَذَا رَأَيْته فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِجْمَاعٍ: عَلَى أَنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا وَقَعَ فِي الصَّحَابَةِ مُنْتَشِرًا فِيهِمْ، ثُمَّ وَقَعَ مِنْ التَّابِعِينَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاقِلُهُ مِنْ جِهَةِ الْآحَادِ، فَهَذَا لَا يُتْرَكُ لَهُ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ مِنْ قَوْلِ مَنْ سَلَفَ. اهـ.

وَقَالَ إلْكِيَا: ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ هَذَا النَّوْعَ لَا يُتَصَوَّرُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَاَلَّذِينَ أَحَالُوا تَصَوُّرَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءٍ، فَقِيلَ: لِأَنَّ إجْمَاعَ التَّابِعِينَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إجْمَاعُ التَّابِعِينَ حُجَّةً لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْخِلَافِ مَعْنًى. وَقِيلَ: لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَصْدُرُ إلَّا عَنْ اجْتِهَادٍ، وَالِاخْتِلَافُ عَلَى قَوْلَيْنِ يَقْتَضِي صُدُورَ الْأَقْوَالِ عَنْ اجْتِهَادٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: وَاسْتِحَالَةُ تَصَوُّرِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا تَمَادَى الْخِلَافُ فِي زَمَانٍ مُتَطَاوِلٍ، بِحَيْثُ يَقْتَضِي الْعُرْفُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَنْقَدِحُ وَجْهٌ فِي سُقُوطِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَعَ طُولِ الْمُبَاحَثَةِ، لَظَهَرَ ذَلِكَ لِلْبَاحِثَيْنِ، فَإِذَا انْتَهَى الْأَمْرُ إلَى هَذَا انْتَهَى، وَرَسَخَ الْخِلَافُ، وَتَنَاهَى الْبَاحِثُونَ، ثُمَّ لَمْ يَتَجَدَّدْ بُلُوغُ خَبَرٍ أَوْ أَثَرٍ يَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ، فَلَا يَقَعُ فِي الْعُرْفِ.

[دُرُوسُ مَذْهَبٍ طَالَ الذَّبُّ عَنْهُ] . فَإِنْ فَرَضَ فَارِضٌ ذَلِكَ، فَالْإِجْمَاعُ مَحْمُولٌ عَلَى بُلُوغِ خَبَرٍ يَجِبُ بِمِثْلِهِ سِوَى مَا كَانُوا خَائِضِينَ فِيهِ مِنْ مَجَالِ الظُّنُونِ. قَالَ إلْكِيَا: وَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ مُخَيَّلٌ، لَكِنَّ جَوَابَهُ سَهْلٌ، فَإِنَّا نَرَى أَهْلَ كُلِّ عَصْرٍ يُظْهِرُونَ مَذْهَبًا غَيْرَ الَّذِي عَهِدَهُ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ فِي الْعُصُورِ الْخَالِيَةِ مَعَ أَنَّ النَّظْمَ يَحْتَمِلُهُ وَغَيْرَهُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُتَصَوَّرٌ انْبَنَى عَلَيْهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>