للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْعَصْرِ؟ وَإِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا فِي الْعَصْرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ لَهُ.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ إلَّا عَلَى طَرِيقَةٍ لَهُ فِي الْقَدِيمِ، وَهِيَ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَكْثَرِ، فَأَمَّا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ، فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ؛ وَنَحْوُهُ مَا حَكَاهُ الصَّيْرَفِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ إجْمَاعَ التَّابِعِينَ دَلَّ عَلَى الصَّوَابِ مِنْ أَقَاوِيلِ الْمُخْتَلِفِينَ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ مَبْلَغَ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ، وَلَكِنَّهُ إجْمَاعٌ مَظْنُونٌ، فَإِنَّ مَرَاتِبَ الْإِجْمَاعِ مُتَفَاوِتَةٌ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ مُرَادٌ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ. حَكَاهُ أَبُو زَيْدٍ فِي التَّقْوِيمِ ". وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ مَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمَانِعُونَ بِتَحْرِيمِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، فَإِنْ صَرَّحُوا بِتَحْرِيمِهِ، فَقَدْ تَرَدَّدَ، أَعْنِي الْغَزَالِيَّ. هَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَلَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فِيهِ، هَذَا فِي الْجَوَازِ.

وَأَمَّا الْوُقُوعُ، فَظَاهِرُ مَا سَبَقَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي حَدِّ الْخَمْرِ وُقُوعُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْحَقُّ فِي مِثْلِ هَذَا الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ بَعِيدٌ وُقُوعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ جَلِيٍّ، وَتَبِعَهُ غَفْلَةُ الْمُخَاطَبِ عَنْهُ، لَكِنْ وَقَعَ قَلِيلًا، وَالْوُقُوعُ قَلِيلًا لَا يُنَافِي الْبُعْدَ، كَمَا لَا خِلَافَ فِي بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ زَالَ. وَنَقَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ " عَنْ الصَّيْرَفِيِّ أَنَّهُ أَحَالَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَ لِلتَّابِعَيْنِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الصَّحَابَةِ، فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَعَارُضِ الْإِجْمَاعَيْنِ، وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا خَطَأً؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ إجْمَاعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>