قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَسُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ ": نَعَمْ، هِيَ كَالدَّلِيلِ فِي جَوَازِ إحْدَاثِهَا إلَّا إذَا قَالُوا: لَا عِلَّةَ لِهَذِهِ، أَوْ لِكَوْنِ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ تُخَالِفُ الْعِلَّةَ الْأُولَى فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ، فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ حِينَئِذٍ فَاسِدَةً. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ بِحُكْمٍ عَقْلِيٍّ عَلِمْنَا أَنَّ مَا عَدَاهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِذَلِكَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْعَقْلِيَّ لَا يَجِبُ بِعِلَّتَيْنِ، فَمَنْ جَوَّزَهُ جَعَلَهَا كَالدَّلِيلِ، لَا يَمْنَعُ التَّعَدُّدَ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا تُنَافِيَ الْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ عِلَّتَهُمْ، وَأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى خِلَافِهِمْ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ عِلَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا تَبَايَنَا امْتَنَعَ لِذَلِكَ، لَا لِتَعْلِيلٍ بِهِمَا، وَمَنْ مَنَعَ التَّعْلِيلَ بِعِلَّتَيْنِ، فَيَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ مَنْعُ التَّعْلِيلِ بِعِلَّةٍ غَيْرِ عِلَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ عِلَّتَهُمْ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهَا، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ غَيْرِهَا. قَالَ: وَأَمَّا تَأْوِيلُهُمْ الْآتِي، وَتَخْرِيجُهُمْ الْأَخْبَارَ فَهُوَ كَالْمَذْهَبِ لَا كَالدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ إذَا احْتَمَلَتْ مَعَانِيَ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا، أَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَأْوِيلٍ وَاحِدٍ، صَارَتْ كَالْحَادِثَةِ، فَلَا يُعْدَلُ عَمَّا أَفْتَوْا بِهِ. وَقَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى: أَجْمَعَ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى الْتِحَاقِ ذَلِكَ بِالْمَذَاهِبِ لَا بِالْأَدِلَّةِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ بِالْأَدِلَّةِ أَشْبَهُ، حَتَّى يَجُوزَ قَطْعًا، ثُمَّ مَثَّلَهُ بِمِثَالٍ يَصِحُّ عَلَى طَرِيقِ الْمُعْتَزِلَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَصْرِ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ؟ فِيهِ مَذَاهِبُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute