للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ، فَلَمْ يَكُنْ لِي عِنْدِي خِلَافُهُمْ، وَلَا الذَّهَابُ إلَى الْقِيَاسِ، وَالْقِيَاسُ مُخْرِجٌ مِنْ جَمِيعِ أَقَاوِيلِهِمْ. اهـ. وَإِنَّمَا مَنَعَهُ؛ لِأَنَّ فِي إحْدَاثِ قَوْلٍ ثَالِثٍ رَفْعًا لِلْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا حَيْثُ لَا رَفْعَ فَتَصَرُّفُهُ يَقْتَضِي جَوَازَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْهَرَوِيِّ فِي الْإِشْرَافِ " أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ لَفَّقَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُعَدُّ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي وَطْءِ الثَّيِّبِ، هَلْ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ؟ تَحَزَّبَتْ الصَّحَابَةُ حِزْبَيْنِ: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ يَرُدُّهَا، وَيُرَدُّ مَعَهَا عُقْرَهَا، وَذَهَبَ حِزْبٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَرُدُّ، فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ فِي إسْقَاطِ الْعُقْرِ بِقَوْلِ حِزْبٍ، وَفِي تَجْوِيزِ الرَّدِّ بِقَوْلِ حِزْبٍ، وَلَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ. اهـ.

وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حُدُوثُ إجْمَاعٍ بَعْدَ إجْمَاعٍ سَابِقٍ عَلَى خِلَافِهِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ، كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَصْرِيُّ، فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ، لَكِنَّهُ لَا يَقَعُ. وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى اخْتِيَارِ الثَّالِثِ، وَقَالَ: لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ إنْ اسْتَلْزَمَ إبْطَالَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ كَانَ مَرْدُودًا، وَالْخَصْمُ يَسْتَلْزِمُ هَذَا، لَكِنْ يَدَّعِي أَنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ يَسْتَلْزِمُ إبْطَالَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، إمَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِدَّةِ وَحِرْمَانِ الْجَدِّ، وَإِمَّا فِي مَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ أَحَدُ الشَّمُولَيْنِ ثَابِتٌ، وَهُوَ ثُلُثُ الْكُلِّ فِي كِلَيْهِمَا، أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي فِي كِلَيْهِمَا. فَثُلُثٌ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.

قَالَ: فَالشَّأْنُ فِي تَمْيِيزِ صُورَةٍ يَلْزَمُ مِنْهَا بُطْلَانُ الْإِجْمَاعِ عَنْ صُورَةٍ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ ضَابِطٍ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنْ اشْتَرَكَا فِي أَمْرٍ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ، وَهُوَ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الثَّالِثُ مُسْتَلْزِمًا لِإِبْطَالِ الْإِجْمَاعِ وَإِلَّا فَلَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ فَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ إمَّا حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ، كَمَسْأَلَةِ الْجَدِّ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>