وَالثَّانِي: ثُبُوتُهُ فِي الْعَقْلِيَّاتِ دُونَ الشَّرْعِيَّاتِ، وَبِهِ قَالَ النَّظَّامُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ.
وَالثَّالِثُ: نَفْيُهُ فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ، وَثُبُوتُهُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَبِهِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَعَارِفَ ضَرُورِيَّةٌ.
وَالرَّابِعُ: نَفْيُهُ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَالشَّرْعِيَّاتِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ: وَالْمُثْبِتُونَ لَهُ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَالشَّرْعِيَّاتِ أَوْجَبُوهُ فِي الْحَوَادِثِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَأَجَازُوهُ فِيمَا فِيهِ أَحَدُ هَذِهِ الْأُصُولِ إذَا لَمْ يُرَدَّ إلَى خِلَافِهَا، انْتَهَى. ثُمَّ الْمُثْبِتُونَ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي مَوَاضِعَ:
أَحَدُهَا: فِي طَرِيقِ إثْبَاتِهِ: فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: هُوَ دَلِيلٌ بِالشَّرْعِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي " الرِّسَالَةِ " فَقَالَ: وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَإِنَّمَا أَخَذْنَاهُ اسْتِدْلَالًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ: هُوَ دَلِيلٌ بِالْعَقْلِ، وَالْأَدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ وَرَدَتْ مُؤَكِّدَةً لَهُ وَلَوْ قَدَّرْنَا عَدَمَ وُجُودِهَا لَتَوَصَّلْنَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ إلَى انْتِصَابِ الْأَقْيِسَةِ عِلَلًا فِي الْأَحْكَامِ. وَقَالَ الدَّقَّاقُ: يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ بِالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ، حَكَاهُ فِي " اللُّمَعِ "، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الرَّوْضَةِ " وَجَعَلَهُ مَذْهَبَ أَحْمَدَ لِقَوْلِهِ: لَا يَسْتَغْنِي أَحَدٌ عَنْ الْقِيَاسِ قَالَ: وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَالنَّظَّامُ إلَى امْتِنَاعِهِ عَقْلًا وَشَرْعًا، وَإِلَيْهِ مَالَ أَحْمَدُ فِي قَوْلِهِ: يَجْتَنِبُ الْمُتَكَلِّمُ فِي الْفِقْهِ الْمُجْمَلَ وَالْقِيَاسَ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقِيَاسُ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ مُخَالِفًا لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فَاسِدَ الِاعْتِبَارِ.
وَثَانِيهَا: هَلْ دَلَالَةُ السَّمْعِ عَلَيْهِ قَطْعِيَّةٌ أَوْ ظَنِّيَّةٌ؟ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ، وَبِالثَّانِي قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَالْآمِدِيَّ.
وَثَالِثُهَا: قِيلَ: إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute