للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ

لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُشَابَهَةِ بِالِاسْتِدْلَالِ فِي الْقِيَاسِ تَمَامُ الْمُشَابَهَةِ، وَلَا يُكْتَفَى بِأَدْنَاهَا، بَلْ يُعْتَبَرُ مَا يُشِيرُ إلَى الْمَأْخَذِ.

النَّوْعُ الثَّانِي قِيَاسُ الشَّبَهِ قَالَا: وَهُوَ مَا أُخِذَ حُكْمُ فَرْعِهِ مِنْ شَبَهِ أَصْلِهِ، وَقَالَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ مَا تَجَاذَبَهُ الْأُصُولُ فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ شَبَهًا، وَسَمَّاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ " قِيَاسَ الدَّلَالَةِ " وَفَسَّرَهُ بِأَنْ يُحْمَلَ الْفَرْعُ عَلَى الْأَصْلِ بِضَرْبٍ مِنْ الشَّبَهِ عَلَى الْعِلَّةِ الَّتِي عُلِّقَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ قَالَ: وَهَذَا الضَّرْبُ لَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ إلَّا بِاسْتِدْلَالِ الْأُصُولِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُسْتَدَلَّ بِثُبُوتِ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الْفُرُوعِ عَلَى ثُبُوتِ الْفَرْعِ، ثُمَّ رُدَّ إلَى أَصْلٍ، كَاسْتِدْلَالِنَا عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بِأَنَّ سُجُودَهَا يَجُوزُ فِعْلُهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُسْتَدَلَّ بِحُكْمٍ يُشَاكِلُ حُكْمَ الْفَرْعِ وَيَجْرِي مَجْرَاهُ عَلَى حُكْمِ الْفَرْعِ، ثُمَّ يُقَاسُ عَلَى أَصْلٍ، كَقَوْلِنَا فِي ظِهَارِ الذِّمِّيِّ: صَحِيحٌ لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَيَصِحُّ ظِهَارُهُ، فَصِحَّةُ قِيَاسِ الطَّلَاقِ عَلَى صِحَّةِ الظِّهَارِ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرًى وَاحِدًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْقَوْلِ وَيَخْتَصَّانِ بِالزَّوْجَةِ، فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ الْآخَرِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُحْمَلَ الْفَرْعُ عَلَى الْأَصْلِ بِضَرْبٍ مِنْ الشَّبَهِ، كَقِيَاسِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ. لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مُخَاطَبٌ مُثَابٌ مُعَاقَبٌ، فَمُلِّكَ كَالْحُرِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>