قَالَ: فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ يُسَمَّى " قِيَاسُ الشَّبَهِ " وَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، لِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ أَبَا مُوسَى بِاعْتِبَارِهِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ رَدُّ الْفَرْعِ إلَى الْأَصْلِ بِالشَّبَهِ لَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ كُلُّ قِيَاسٍ لِأَنَّهُ مَا مِنْ فَرْعٍ إلَّا وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى أَصْلٍ بِضَرْبٍ مِنْ الشَّبَهِ. انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ ": اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ، وَهُوَ تَرَدُّدُ الْفَرْعِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ لِشَبَهِ أَحَدِهِمَا فِي ثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ وَالْآخَرِ مِنْ وَصْفَيْنِ فَقِيلَ: صَحِيحٌ، وَلِلشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ " الرِّسَالَةِ " وَأَوَاخِرِهَا. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَتَأَوَّلَ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنْ يُرَجَّحَ بِهِ قِيَاسٌ بِكَثْرَةِ الْأَشْبَاهِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً؟ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ: وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّ قِيَاسَ الشَّبَهِ لَا يَصِحُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قِيَاسُ الشَّبَهِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الشَّبَهَ يُعْتَبَرُ فِي الصُّورَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْجِنَايَاتِ إنَّ الْعَبْدَ إذَا جُنِيَ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ بِالْحُرِّ لِوُقُوعِهِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْبَهِيمَةُ، لِأَنَّهُ سِلْعَةٌ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا.
وَالثَّانِي: الْحُرُّ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مُتَعَبَّدٌ. وَقِيلَ: هَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَصِحُّ حَتَّى تُسْتَخْرَجَ الْعِلَّةُ مِنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَيُؤْخَذُ فِي الْفَرْعِ أَكْثَرُ الْأَوْصَافِ، فَيُلْحَقُ حُكْمُهُ بِحُكْمِ ذَاكَ الْأَصْلِ، وَهَذَا لَا يُنْقَضُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ إذَا خَالَفَ. وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute