قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَكُنْت أَجَبْت بِجَوَابٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَلْزَمَهُمْ الْعَكْسَ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ، لِأَنَّ عِلَّةَ الْعَكْسِ عِنْدَهُمْ دَلِيلُ تَنَاقُضِهِمْ فِي الْعَكْسِ.
وَجَوَابٌ آخَرُ جَدِيدٌ وَهُوَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ فَطَالَبَهُ الشَّافِعِيُّ بِالْفَرْقِ بَيْنَ شَرِيكِ الصَّبِيِّ حَيْثُ قُلْت: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قُلْت: إذَا عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِ الْقَاتِلِينَ كَانَ عَلَى شَرِيكِهِ الْقَوَدُ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَنَّ شَرِيكَ الصَّبِيِّ قَدْ شَارَكَ مَنْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا إذَا عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ الْقَلَمُ جَارٍ عَلَيْهِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا بَاطِلٌ بِمَا إذَا شَارَكَ الْأَبَ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ، لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ الْقَلَمُ جَارٍ عَلَيْهِ وَمَعَ هَذَا لَا قَوَدَ عَلَيْهِ عِنْدَك.
فَأَمَّا الْمُزَنِيّ فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى مَسَائِلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: قَدْ شَرِكَ الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِيمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَسْقَطَ الْقَوَدَ عَنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ وَأَوْجَبَهُ عَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. قُلْنَا لَهُ: هَذَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ إنْ قُلْنَا فِي حُكْمِ الْخَطَأِ فَلَا قَوَدَ عَلَى شَرِيكِهِ كَمَنْ شَارَكَ الْخَاطِئَ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، فَإِنْ قُلْنَا عَمْدُهُ عَمْدٌ، فَعَلَى شَرِيكِهِ الْقَوَدُ، لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ. ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُزَنِيِّ: قَدْ كَسَرَ الشَّافِعِيُّ فَرْقَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَأَنْتَ أَوْرَدْت كَلَامًا يَنْقُضُ الْكَسْرَ وَإِنَّمَا تُنَاقَضُ الْعِلَلُ، فَأَمَّا الْكَسْرُ فَلَا يُنَاقَضُ، فَسَقَطَ، هَذَا. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ " فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ، فِي تَعْلِيلِ جَوَازِ الِاخْتِصَارِ عَلَى الْأَسْفَلِ: لَمَّا كَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ كَظَاهِرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُتَمَزِّقًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلُهُ كَأَعْلَاهُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ بِالْمَسْحِ إذَا كَانَ صَحِيحًا. ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ رَدَّ هَذَا التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ قِيَاسُ عَكْسٍ فَكَأَنَّهُ رَدَّ قِيَاسَ الْعَكْسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute