يَقُولُوا لَوْ كَانَتْ أَرْبَعُونَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِمْ شَاةٌ لِأَنَّهُمْ صَدَّقُوا الْخُلَطَاءَ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ. انْتَهَى فَقَاسَ وُجُوبَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ لِثَلَاثَةٍ خُلَطَاءَ عَلَى سُقُوطِ اثْنَتَيْنِ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ لِثَلَاثَةٍ خُلَطَاءَ.
وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ " مُنَاظَرَةً جَرَتْ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: لَا قَوَدَ عَلَى مَنْ شَارَكَ الصَّبِيَّ، فَقَالَ: لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَمُ، فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: فَأَوْجِبْ الْقَوَدَ عَلَى مَنْ شَارَكَ الْأَبَ لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ جَرَى عَلَيْهِ الْقَلَمُ، وَإِذَا لَمْ تُوجِبْ عَلَى شَرِيكِ الْأَبِ فَهُوَ تَرْكٌ لِأَصْلِك.
قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: هَذَا السُّؤَالُ لَا يَلْزَمُ مُحَمَّدًا، لِأَنَّ مُحَمَّدًا عَلَّلَ بِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَمُ، فَنَقِيضُهُ أَنَّهُ يُوجَدُ مَنْ شَارَكَ مَنْ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَمُ وَمَعَ هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، فَأَمَّا مَنْ شَارَكَ الْأَبَ فَهُوَ عَكْسُ عِلَّتِهِ، لِأَنَّهُ شَارَكَ مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَمُ.
أَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ هَذَا، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: هَذَا يَلْزَمُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: عِلَّةٌ لِلْأَعْيَانِ، وَعِلَّةٌ لِلْجِنْسِ، فَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ لِلْأَعْيَانِ انْقَضَتْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْ تُوجَدَ الْعِلَّةُ وَلَا حُكْمَ كَقَوْلِك: لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ، فَالنَّقْضُ أَنْ يُوجَدَ مُرْتَدٌّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ. وَالثَّانِيَةُ عِلَّةُ الْجِنْسِ فَهَذِهِ تُنْقَضُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَنْ تُوجَدَ الْعِلَّةُ وَلَا حُكْمَ، وَأَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ وَلَا عِلَّةَ، كَقَوْلِك: عِلَّةُ الْقَتْلِ الْقَتْلُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا قَتْلَ إلَّا بِقَتْلٍ، فَهَذِهِ تُنْقَضُ بِمَا قُلْنَاهُ: إنْ قَتَلَ بِغَيْرِ قَتْلٍ انْتَقَضَتْ الْعِلَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ مَعَ وُجُودِ الْقَتْلِ انْتَقَضَتْ الْعِلَّةُ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَعِلَّةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ لِلْجِنْسِ، لِأَنَّهُ عَلَّلَ سُقُوطَ الْقَوَدِ عَنْ الشَّرِيكِ دُونَ شَرِيكِ مَنْ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَمُ، فَهَذِهِ لِلْجِنْسِ فَيَنْتَقِضُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَنْ يُوجَدَ الْعِلَّةُ وَلَا حُكْمَ وَأَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ وَلَا عِلَّةَ فَقَدْ أَوْجَدَ الْحُكْمَ وَلَا عِلَّةَ فَبَطَلَ قَوْلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute