للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْقِيَاسِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَسُلَيْمٌ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ. قَالَ: فَأَمَّا الِاسْتِدْلَال عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِالْقِيَاسِ فَجَائِزٌ وِفَاقًا وَحَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ أَصْحَابِهِمْ كَقَوْلِنَا، وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " عَنْ الْجُمْهُورِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأُمِّ: وَلَا يَقْطَعُ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إلَّا مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ رُبُعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، قِيَاسًا عَلَى السُّنَّةِ فِي السَّارِقِ وَيَتَّجِهُ أَنْ يُخَرَّجَ لَهُ فِي هَذِهِ قَوْلَانِ مِنْ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ الْأَطْرَافَ وَأُرُوشَ الْجِرَاحَاتِ وَالْحُكُومَاتِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْقَدِيمِ: لَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الضَّرْبَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، لَكِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِي النَّفْسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا، وَلِهَذَا لَا قَسَامَةَ وَلَا كَفَّارَةَ فِي الْأَطْرَافِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُضْرَبُ عَلَيْهِمْ كَدِيَةِ النَّفْسِ قِيَاسًا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقَلُّ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْقِيَاسُ فِي الشَّرْعِ هُوَ الْأَحْكَامُ الْمُسْتَنْبَطَةُ مِنْ النُّصُوصِ، فَأَمَّا الْأَسْمَاءُ وَالْحُدُودُ فِي الْمَقَادِيرِ فَفِي جَوَازِ اسْتِخْرَاجِهَا بِالْقِيَاسِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ إذَا تَعَلَّقَ بِأَسْمَاءِ الْأَحْكَامِ كَتَسْمِيَةِ النَّبِيذِ خَمْرًا لِوُجُودِ مَعْنَى الْخَمْرِ فِيهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُثْبِتَ الْمَقَادِيرَ قِيَاسًا كَمَا قَدَّرْنَا أَقَلَّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرَهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لِأَنَّ جَمِيعَهَا أَحْكَامٌ وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ اللُّغَةِ دُونَ الشَّرْعِ، وَمَعَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>