الْحُدُودِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ وَالْمَقَادِيرُ مَشْرُوعَةٌ انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ لَكِنْ نُقِلَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَوْجَبَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَفَّارَةً فَوْقَ كَفَّارَةِ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ وَدُونَ كَفَّارَةِ الْمُجَامِعِ: قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبٌ لَا يَسْتَنِدُ إلَى خَبَرٍ وَلَا إلَى أَثَرٍ وَلَا قِيَاسٍ، حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ صَاحِبُ " الذَّخَائِرِ " وَقَدْ حَكَى أَنَّهُ لَا وَقَصَ فِي النَّقْدَيْنِ فَيَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ بِالْمَاشِيَةِ. قَالَ: وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ سِيَّمَا عَلَى رَأْيِهِمْ فَإِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُقَدَّرَاتِ مَمْنُوعٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا قُلْنَا: يَمْسَحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ بِالْمَاءِ، هَلْ يَتَقَدَّرُ مُدَّةُ الْمَسْحِ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةٍ لِلْمُسَافِرِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِنَقْلٍ وَتَوْقِيفٍ وَلَمْ يَرِدْ، وَنَقَلَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " وَالشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " عَنْ الْجُبَّائِيُّ مِثْلَ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَا: وَقِيلَ: يَجُوزُ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِالِاسْتِدْلَالِ دُونَ الْقِيَاسِ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ: مَنَعَ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ جَرَيَانَ الْقِيَاسِ فِي الزَّكَاةِ وَالْحُدُودِ وَالْمَقَادِيرِ، وَرُبَّمَا أَلْحَقَ بِهَا الْكَفَّارَاتِ قَالَ: وَمَا مِنْ بَابٍ إلَّا وَلَهُمْ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْقِيَاسِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُمْ بِغَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الْوَصْفِ إذَا ثَبَتَ بِغَيْرِ الْأَصْلِ، وَمَنَعُوهُ فِي الْإِيجَابِ، وَجَوَّزُوهُ فِي التَّرْكِ. انْتَهَى وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إثْبَاتُ الْحُدُودِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، قَالَ: فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِ إثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ خَبَرُ الْوَاحِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " بِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَجَازَ إثْبَاتُهَا بِالْقِيَاسِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَبْطُلُ بِالنَّسْخِ وَقَدْ صَارَ الْمُزَنِيّ إلَى أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِأَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ مِثْلُ أَكْثَرِ الْحَيْضِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلْيَكُنْ أَقَلُّهُ مَعَ أَقَلِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute