للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيَاسُ عَدَمِ الْقِيَاسِ عَدَمُ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِي غَيْرِ الْوِقَاعِ. وَهَذَا الْقَوْلُ جَهْلٌ بِمَدَارِكِ الْأَئِمَّةِ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ أَثْبَتُوا بِالْحَدِيثِ الْمَأْمُورَ بِهِ بِالْكَفَّارَةِ بِمُطْلَقِ الْإِفْطَارِ فَهَذَا الْمُطْلَقُ هُوَ الْمُقَيَّدُ بِالْجِمَاعِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُبْنَى الْخِلَافُ فِي الْقِيَاسِ فِي الْكَفَّارَاتِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الْبَحْثُ عَنْ كُلِّ مَسْأَلَةٍ هَلْ يَجْرِي الْقِيَاسُ فِيهَا أَمْ لَا؟ وَهَلْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَدِلَّةَ الْقِيَاسِ عَامَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى آحَادِ الْمَسَائِلِ؟ وَأَنَّ الْعِلَّةَ الْجَامِعَةَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي صُورَةِ الْخِلَافِ الْخَاصَّةِ صَحِيحَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَخَلِيَّةٌ عَنْ الِاعْتِبَارِ؟ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ إلَى هَذَا الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ فِي " الْمَحْصُولِ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ فِيمَا سَبَقَ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي " الْبُوَيْطِيِّ " عَلَى امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ، فَقَالَ فِي أَوَائِلِهِ: لَا يُتَعَدَّى بِالرُّخْصَةِ مَوَاضِعُهَا وَقَالَ فِي " الْأُمِّ ": لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ إنْ حَرَّمَ جُمْلَةً وَأَحَلَّ بَعْضَهَا. وَكَذَلِكَ إنْ فَرَضَ شَيْئًا رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّخْفِيفَ فِي بَعْضِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَمَا كَانَ لَهُ حُكْمٌ مَنْصُوصٌ ثُمَّ كَانَتْ لِرَسُولِهِ سُنَّةٌ بِتَخْفِيفٍ فِي بَعْضِ الْفَرْضِ دُونَ بَعْضٍ عُمِلَ بِالرُّخْصَةِ فِيمَا رَخَّصَ فِيهِ دُونَ مَا سِوَاهَا وَلَمْ نَقِسْ مَا سِوَاهَا عَلَيْهَا. وَهَكَذَا مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حُكْمٍ عَامٍّ لِشَيْءٍ ثُمَّ سَنَّ فِيهِ سُنَّةً تُفَارِقُ حُكْمَ الْعَامِّ، كَمَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَالْعَرَايَا " هَذَا لَفْظُهُ، وَذَكَرَ فِي " الرِّسَالَةِ " مِثْلَهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ " الْأُمِّ ":

<<  <  ج: ص:  >  >>