للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَارَ سَبَبًا لِمَكَانِ الْحِكْمَةِ لَا لِصُورَتِهِ، فَيَجُوزُ اعْتِبَارُ الْمُشْتَرِكِينَ فِي الْقَتْلِ بِالْقَتْلِ وَإِنْ ثَبَتَ لَنَا أَنَّهُ غَيْرُ قَاتِلٍ قَالَ: وَقَدْ اعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ الْمُسَاقَاةَ بِالْقِرَاضِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي مَقْصُودِ التُّجَّارِ وَمَصْلَحَةِ الْمُتَعَامِلِينَ وَهُمَا سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَى الْقِرَاضِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ، لَكِنَّ جَوَابَهُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَانَتْ أَعَمَّ عِنْدَ الْعَرَبِ وَهُمْ قَوْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمِنْهُ اعْتِبَارُ الشَّافِعِيِّ الشَّهَادَةَ بِالْإِكْرَاهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الشَّهَادَةَ يَظْهَرُ إفْضَاؤُهَا إلَى الْقَتْلِ كَالْإِكْرَاهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْإِكْرَاهِ مَزِيَّةٌ مِنْ وَجْهٍ فَلِلشَّهَادَةِ مَزِيَّةٌ مِنْ وَجْهٍ. وَمِنْهُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ الْمَرْأَةَ يَلْزَمُهَا الْحَجُّ إذَا وَجَدَتْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ يَقَعُ الْأَمْنُ بِمِثْلِهِنَّ إلْحَاقًا لَهُنَّ بِالْمُحْرِمِ وَالزَّوْجِ فَقَاسَ أَحَدَ سَبَبَيْ الْأَمْنِ عَلَى الثَّانِي قَالَ: وَكَذَلِكَ يَجْرِي فِي مِثْلِهِنَّ فِي الشُّرُوطِ وَقَدْ نَفَى الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي الْإِحْصَانِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْجَلْدِ فَقَالَ: الْجَلْدُ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ ثُمَّ اسْتَوَى فِيهِ إنْكَارُ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَالرَّجْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ حَسَنٌ.

ثُمَّ قَالَ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ نَظِيرٌ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ. فَلِهَذَا لَمْ يَلْحَقْ الْمَرَضُ بِالسَّفَرِ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ نَظِيرًا لَهُ فِي الْحَاجَةِ، وَهَذَا وَاضِحٌ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: التَّقَابُضُ شَرْطٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ قِيَاسًا عَلَى النَّقْدَيْنِ وَصَحَّ هَذَا الْقِيَاسُ لِلشَّافِعِيِّ بِلَا مُدَافِعٍ انْتَهَى. وَأَمَّا صَاحِبُ " الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ " فَنَقَلَ الْمَنْعَ فِي أَصْلِ تَرْجَمَةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَصْحَابِهِمْ ثُمَّ قَالَ: وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ فِيهِ بِشُرُوطِهِ وَجَبَ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى التَّيَمُّمِ: طَهَارَتَانِ فَأَنَّى يَفْتَرِقَانِ. انْتَهَى.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ قُلْنَا: إنَّ الْأَسْبَابَ وَالْمَوَانِعَ وَالشُّرُوطَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ جَرَى فِيهَا الْقِيَاسُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَفِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ فِيهَا نَظَرٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْأَوْلَى جَرَيَانُهُ، لِأَنَّا عَقَلْنَا أَنَّ الزِّنَى إنَّمَا نُسِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>