سَبَبًا لِلرَّجْمِ لِعِلَّةِ كَذَا، وَوَجَدْنَاهَا فِي اللِّوَاطِ مَثَلًا، فَيَلْزَمُ نَصْبُ سَبَبِهَا. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي السَّرِقَةِ حَتَّى يَلْحَقَ بِهَا نَبْشُ الْقَبْرِ وَأَخْذُ الْأَكْفَانِ فَهَذَا إذَا تَمَّ عَلَى شُرُوطِهِ قِيَاسٌ صَحِيحٌ انْتَهَى.
وَقَدْ أَلْزَمُوا الْمَانِعَ مَنْعَ حَمْلِ النَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ خُصُوصَ وَصْفِ الْمَحَلِّ لَوْ اعْتَبَرَ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ لَاقْتَضَى مَنْعَ تَوْسِيعِ الْحُكْمِ، وَفِي مَنْعِ تَوْسِيعِهِ رَفْعُ الْقِيَاسِ أَصْلًا. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ سَبَبُ حُكْمٍ قِيَاسًا عَلَى سَبَبٍ آخَرَ، فَإِذَا حَكَمَ اللَّهُ بِرَجْمِ الزَّانِي جَازَ أَنْ يَطْلُبَ سَبَبَ ذَلِكَ حَتَّى يَقِفَ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ الزِّنَى، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الزِّنَى عِلَّةُ الرَّجْمِ صَحَّ أَنْ يُعَلِّلَهُ بِعِلَّةِ تَعَدِّيهَا إلَى غَيْرِ الزِّنَى، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّلَ الْحُكْمَ الثَّابِتَ عَلَى زَيْدٍ وَيُعَدَّى إلَى عَمْرٍو عِنْدَ فَهْمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلتَّعْدِيَةِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَا مَا قَبْلَهُ. وَقَدْ أَنْكَرَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَقَالَ: الْحُكْمُ يَتْبَعُ السَّبَبَ دُونَ حِكْمَةِ السَّبَبِ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ ثَمَرَةٌ وَلَيْسَ بِعِلَّةٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: جُعِلَ الْقِيَاسُ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ لِلزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى شُهُودِ الْقِصَاصِ إذَا رَجَعُوا لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى الزَّجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْقَتْلُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ.
قَالَ الْإِبْيَارِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ ": وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى تَوْقِيفٍ ثَابِتٍ يَمْنَعُ مِنْ الْقِيَاسِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَتْبَعُ وَإِمَّا أَنْ يَقُولُوا: لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا عُمُومُ شَرْعِيَّةِ الْقِيَاسِ عِنْدَ فَهْمِ الْمَعَانِي فَهَذَا يَجُرُّ أَنْوَاعًا مِنْ الْخَيَالِ، وَيَقْتَضِي مَنْعَ الْقِيَاسِ إلَّا فِي مَوَاضِعِ الْإِجْمَاعِ، وَقَلَّ أَنْ يُصَادَفَ ذَلِكَ بِحَالٍ. وَإِمَّا أَنْ يَقُولُوا: إنَّ تَعْلِيلَ الْأَسْبَابِ يَفُوتُ بِهِ حَقِيقَةُ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ مِنْ شَرْعِ الْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ تَقْرِيرَهَا أُصُولًا، وَفِي تَقْرِيرِ الْأَسْبَابِ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَسْبَابًا قَالَ: وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مُعْتَمَدُ الْقَوْمِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّا إذَا قُلْنَا: الزِّنَى عِلَّةُ الرَّجْمِ وَاسْتَنْبَطْنَا مِنْهُ إيلَاجَ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ الْمُحَرَّمِ قَطْعًا إلَى تَمَامِ الْقِيَاسِ، وَاعْتَبَرْنَا اللَّفْظَ فَقَدْ أَبَانَ آخِرًا أَنَّ الزِّنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute