وَيُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا أَيْضًا مَعَ تَأَخُّرِ التَّيَمُّمِ فِي صُوَرٍ. إحْدَاهَا: إذَا وَجَدَ مَاءً لِلْوُضُوءِ، ثُمَّ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ يَغْتَسِلُ بِهِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَنْ الْغُسْلِ، وَمِثْلُهُ مُرِيدُ الْإِحْرَامِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ: جَوَازُ الْفِعْلِ. الثَّانِيَةُ: لَوْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَأَرَادَ التَّجْدِيدَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِوَضًا عَنْ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ، كَمَا يَتَيَمَّمُ لِلْغُسْلِ عَنْ الْجُمُعَةِ. هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْهُ.
الثَّالِثَةُ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي كِتَابِ الْوَدَائِعِ " فِي الْمَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِي طَهُورِيَّتِهِ، كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَالنَّبِيذِ الَّذِي يُجَوِّزُ أَبُو حَنِيفَةَ الطَّهَارَةَ بِهِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
الرَّابِعَةُ: الرَّائِدُ لِلْجُمُعَةِ إذَا وَجَدَ مَا لَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ، وَيَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ، وَكَذَلِكَ مَرِيدُ الْإِحْرَامِ. كُلُّ التَّيَمُّمِ هَاهُنَا عَنْ الْغُسْلِ، وَهَذِهِ صُورَةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي الدَّوَامِ، وَلَمْ يَذْكُرْ صُورَةَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ بِعُضْوِهِ جِرَاحَةٌ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْجَرِيحِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ سَكَتَ فِي هَذَا الْقِسْمِ عَنْ الْمَكْرُوهِ الْجَمْعِ، وَالْوَاجِبِ الْجَمْعِ، فَأَمَّا وُجُوبُ الْجَمْعِ مَعَ التَّرْتِيبِ فَلَا يُمْكِنُ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُرَتَّبِ فَكَلَحْمِ الْجَلَّالَةِ وَالْمُذَكَّى لِلْمُضْطَرِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute