للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِيَةُ: الَّتِي أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى إلْحَاقِهِ بِالْأَصْلِ، ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِ وَسَتَأْتِي.

خَامِسُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِهِ شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ، لِأَنَّهُ لَوْ عَمَّهُ لَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ فَرْعًا وَضَاعَ الْقِيَاسُ، لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ بِالِاسْتِغْنَاءِ بِدَلِيلِ الْأَصْلِ عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ جَعْلُ أَحَدِهِمَا أَصْلًا وَالْآخَرِ فَرْعًا أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ. وَمِثَالُهُ: السَّفَرْجَلُ مَطْعُومٌ، فَيَجْرِي فِيهِ الرِّبَا قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ، ثُمَّ يُسْتَدَلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الطُّعْمِ بِقَوْلِهِ: «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» . وَجَوَّزَ آخَرُونَ ذَلِكَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ إذَا ذَكَرَ دَلِيلًا لَهُ مَدْلُولَانِ وَتَمَسَّكَ بِأَحَدِ مَدْلُولَيْهِ عَلَى مَرَامِهِ لَا يَقْتَضِي الْحُكْمُ تَكْلِيفَهُ التَّمَسُّكَ بِمَدْلُولِهِ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَدْلُولُهُ الْآخَرُ غَيْرَ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْعِلَّةِ إنَّمَا تُرَادُ لِإِثْبَاتِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَالدَّلَالَةُ عَلَى ثُبُوتِهَا بِمَا يُغْنِي عَنْ ثُبُوتِهَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَدْلُولُ الْآخَرُ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَقَدْ وَجَّهَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ الْحُلُولِ فِي زَكَاةِ الْمَعْدِنِ، بِالْقِيَاسِ عَلَى النَّقْدَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ وَيُقَالُ عَلَيْهِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>