هُمَا الْوَجْهَانِ فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ، لِأَنَّهُ يُرَجَّحُ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ. وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ هَذَا الشَّرْطِ مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْوَسَطِ فَائِدَةٌ، فَإِنْ ظَهَرَ فَلَا يَمْتَنِعُ قِيَاسُ الْفَرْعِ عَلَى الْفَرْعِ. وَكِتَابُ السِّلْسِلَةِ " لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّاظِرِ: أَمَّا الْمُنَاظِرُ فَبِحَسَبِ مَا يَصْطَلِحُونَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ فَأَقْوَالُ مُقَلِّدِيهِمْ وَإِنْ كَانَتْ فُرُوعًا تُنَزَّلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقَلِّدِينَ مَنْزِلَةَ أَقْوَالِ الشَّارِعِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِينَ، فَإِذَا حَفِظَ مِنْ إمَامِهِ فُتْيَا وَفَهِمَ مَعْنَاهَا جَازَ لَهُ أَنْ يُلْحِقَ بِهَا مَا يُشَابِهُهَا عَلَى الصَّحِيحِ، خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ " بِالتَّخْرِيجِ " وَجَعَلَ إلْكِيَا مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي هَذَا فِيمَا لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ بِنَصٍّ أَوْ دَلِيلِ نَصٍّ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مِثْلِهِ، وَيَكُونُ الْفَرْعُ الثَّانِي مِثْلًا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ قَطْعًا كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَمَعَ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ حَمْلُ الْفَرْعِ عَلَيْهِ بِعِلَّةٍ، فَرَجَعَ حَاصِلُ الْخِلَافِ إلَى أَنَّ الَّذِي ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ أَصْلًا وَمَا لَا يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ أَصْلًا إذَا كَانَ ثُبُوتُهُ بِعُمُومٍ أَوْ نَصٍّ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ فَرْعًا ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ يَسْتَدْعِي الْبِنَاءَ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ الْوَاحِدَ هَلْ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِعِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: يَمْتَنِعُ، نَشَأَ مِنْهُ أَنَّ الْفَرْعَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ أَصْلًا لِفَرْعٍ آخَرَ.
تَنْبِيهٌ
إذَا مَنَعْنَا أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ قِيَاسًا، يُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: الْقِيَاسُ الَّذِي قَاسَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جَوَّزْنَا لَهُ الِاجْتِهَادَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute