وَوَجْهُ تَرْكِيبِ الْأَصْلِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُزَالَ بِهِ النَّجَاسَةُ نَجِسٌ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يَجُوزُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ بِهِ، وَعِنْدَنَا هُوَ طَاهِرٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ بِهِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا الْأَصْلُ وَلَا الْفَرْعُ مُسَلَّمٌ.
وَمِثَالُ مُرَكَّبِ الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ وَالْفَرْعِ أَنْ يُعَلِّلَ الشَّافِعِيُّ مَنْعَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ بِالْخَلِّ وَيَقُولَ: أَفْرِضُ الْكَلَامَ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ بِالنَّبِيذِ، فَأَقُولُ مَائِعٌ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَمْ يُرْفَعْ بِهِ حُكْمُ التَّطْهِيرِ كَالْمَاءِ الْمُزَالِ بِهِ النَّجَاسَةُ، فَوَجْهُ تَرْكِيبِ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ التَّطْهِيرِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِكَوْنِهِ نَجِسًا، وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ لَكِنْ يُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ وَوَجْهُ تَرْكِيبِ الْوَصْفِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِنَجَاسَتِهِ، وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَمَا يَرْفَعُهُ الْمَاءُ لَكِنْ يُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ. وَوَجْهُ تَرْكِيبِ الْأَصْلِ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ وَعِنْدَ الْمُخَالِفِ نَجِسٌ.
وَمِثَالُ مُرَكَّبِ الْفَرْعِ وَالْوَصْفِ: أَنْ يُعَلِّلَ الشَّافِعِيُّ الْمَنْعَ مِنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ بِالْخَلِّ، وَيَفْرِضَ الْكَلَامَ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ بِالنَّبِيذِ، فَيَقُولُ: مَائِعٌ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ كَالْمَاءِ النَّجِسِ.
سَابِعُهَا: أَنْ لَا نَكُونَ مُتَعَبَّدِينَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالْقَطْعِ، فَإِنْ تُعُبِّدْنَا بِالْقَطْعِ لَمْ يَجُزْ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ غَيْرَ الظَّنِّ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ، لِأَنَّ الْفَرْعَ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْلِ وَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ الْقِيَاسُ، كَإِثْبَاتِ كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً بِالْقِيَاسِ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى رَأْيِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ. وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ فِي جَدَلِهِ " وَالْهِنْدِيُّ فِي " النِّهَايَةِ " وَالْبُرْهَانُ الْمُطَرِّزِيُّ فِي " الْعُنْوَانِ " وَفِيهِ نَظَرٌ. إذْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ مَقْطُوعًا بِهِ تَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ بِجَامِعٍ شَبَهِيٍّ، فَيَكُونُ حُصُولُهُ فِي الْفَرْعِ مَظْنُونًا. وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْفَرْعِ مُسَاوِيًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ إذْ قَدْ نَصُّوا عَلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ تَارَةً يَكُونُ مُسَاوِيًا، وَتَارَةً أَقْوَى، وَتَارَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute