للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَضْعَفُ. هَذَا إذَا كَانَ الْقِيَاسُ شَبِيهًا، فَإِنْ كَانَ قِيَاسَ الْعِلَّةِ فَنَحْنُ لَا نَقِيسُ إلَّا إذَا وُجِدَتْ عِلَّةُ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ، وَإِذَا وُجِدَتْ فِيهِ أَثَّرَتْ مِثْلَ حُكْمِ الْأَصْلِ فَيَكُونُ مَقْطُوعًا بِهِ أَيْضًا. وَكَذَلِكَ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ لِأَنَّ الدَّلِيلَ يُفِيدُ وُجُودَ الْمَدْلُولِ، فَدَلَالَةُ عِلَّةِ الْأَصْلِ إذَا وُجِدَتْ فِي الْفَرْعِ دَلَّتْ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ قَطْعًا. وَكَانَ الْقِيَاسُ قَطْعًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. وَقَدْ ضَعَّفَ الْإِبْيَارِيُّ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ. وَقَالَ: بَلْ مَا يَتَعَدَّ فِيهِ بِالْعِلْمِ جَازَ أَنْ يَثْبُتَ بِالْقِيَاسِ الَّذِي يُفِيدُ الْعِلْمَ. وَقَدْ قَسَمَهُ الْمُحَقِّقُونَ إلَى:

مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ: وَقَالُوا: إنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُنْسَخَ بِهِ النَّصُّ الْمُتَوَاتِرُ، وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، فَأَجْرَوْهُ مَجْرَى الْمَقْطُوعِ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ ": لَعَلَّ هَذَا الشَّرْطَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دَلِيلَ الْقِيَاسِ ظَنِّيٌّ، وَإِلَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَطْعِيٌّ وَعَلِمْنَا الْعِلَّةَ قَطْعًا وَوُجُودَهَا فِي الْفَرْعِ قَطْعًا فَقَدْ عَلِمْنَا الْحُكْمَ قَطْعًا. وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: عِنْدِي أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِي الْجَوَازِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْيَقِينِ بِعِلَّةِ الْحُكْمِ ثُمَّ تَحْصِيلُ الْيَقِينِ بِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ حَاصِلَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَحَصَلَ الْعِلْمُ الْيَقِينِيُّ بِأَنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ مِثْلُ حُكْمِ الْأَصْلِ. بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْبَحْثُ فِي أَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُ هَذَيْنِ الْيَقِينَيْنِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا الَّذِي طَرِيقُهُ الظَّنُّ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْقِيَاسِ فِيهِ. قَالَ الْهِنْدِيُّ: لَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِالْمُقَدَّمَتَيْنِ عَلَى النُّدُورِ لَمْ يَمْتَنِعْ إثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ التَّمْثِيلِيِّ لِكَوْنِهِ لَا يَكُونُ قِيَاسًا شَرْعِيًّا مُخْتَلَفًا فِيهِ قَالَ: وَهَذَا يَسْتَقِيمُ إنْ أُرِيدَ بِهِ تَعْرِيفُ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الْقِيَاسِ الظَّنِّيِّ الَّذِي هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَأَمَّا إنْ أُرِيدَ بِهِ تَعْرِيفُ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الْقِيَاسِ كَيْفَ كَانَ، فَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ حَذْفُ قَيْدِ الْعِلْمِ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>