ثَامِنُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ قَاعِدَةِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ إثْبَاتَ الْقِيَاسِ مَعَهُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ مَعَ مُنَافِيهِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ: الْخَارِجُ عَنْ الْقِيَاسِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَهَذَا إطْلَاقٌ مُجْمَلٌ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْآمِدِيُّ وَالرَّازِيَّ وَأَتْبَاعُهُمَا، لَكِنْ أَطْلَقَ ابْنُ بَرْهَانٍ أَنَّ مَذْهَبَ أَصْحَابِنَا جَوَازُ الْقِيَاسِ عَلَى مَا عُدِلَ فِيهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ، وَمَثَّلَهُ بِمَا زَادَ عَلَى أَرْشِ الْمُوضِحَةِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَمَا دُونَهُ هَلْ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَمْ لَا؟ فَعِنْدَنَا: تَحْمِلُهُ قِيَاسًا عَلَى أَرْشِهَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا تَحْمِلُهُ. وَهَكَذَا حَكَى إلْكِيَا عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا أَقْوَالَهُمْ بِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَجْرِي فِي الْمَعْدُولِ بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ قَالَ: وَهَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ عِنْدَنَا فَذَكَرَهُ وَسَيَأْتِي، وَالْجَوَازُ هُنَا قَضِيَّةُ مَا سَبَقَ مِنْ جَرَيَانِ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالرُّخَصِ. وَقَالَ فِي " الْقَوَاطِعِ ": يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَى أَصْلٍ مُخَالِفٍ فِي نَفْسِهِ الْأُصُولَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ وَدَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمْ مَنَعُوهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْكَرْخِيّ وَمَنَعَ جَوَازَهُ إلَّا بِإِحْدَى خِلَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَا وَرَدَ بِخِلَافِ الْأُصُولِ قَدْ نَصَّ عَلَى عِلَّتِهِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ» لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى الْعِلَّةِ كَالتَّصْرِيحِ بِوُجُوبِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute