للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَانِيهَا: أَنْ تَكُونَ الْأُمَّةُ مُجْمِعَةً عَلَى تَعْلِيلِ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي عِلَّتِهِ.

ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ عَلَى بَعْضِ الْأُصُولِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ كَالْخَبَرِ الْوَارِدِ بِالتَّحَالُفِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا تَبَايَعَا، فَإِنَّهُ يُخَالِفُ قِيَاسَ الْأُصُولِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ، لِأَنَّهُ يُوَافِقُ بَعْضَ الْأُصُولِ، وَهُوَ أَنَّ مَا يُمْلَكُ عَلَى الْغَيْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ أَيُّ شَيْءٍ مَلَكَ عَلَيْهِ، وَقَالُوا إذَا كَانَ فِي الشَّرْعِ أَصْلٌ يُنْتِجُ الْقِيَاسَ وَأَصْلٌ يَحْظُرُهُ، وَكَانَ الْأَصْلُ جَوَازَ الْقِيَاسِ وَجَبَ الْقِيَاسُ، وَقَالُوا أَيْضًا: يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَصْلِ الْمَخْصُوصِ إذَا لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَخْصُوصِ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا خُصَّ مِنْ جُمْلَةِ الْقِيَاسِ كَجِمَاعِ النَّاسِي وَأَكْلِهِ.

وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ الْبَلْخِيّ مِنْ أَصْحَابِهِمْ: إذَا كَانَ الْخَبَرُ الْوَارِدُ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِهِ لَمْ يَجُزْ الْقِيَاسُ، فَاقْتَضَى قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ الْخَبَرُ مَقْطُوعًا بِهِ جَازَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ. لَنَا أَنَّ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ أَصْلٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، فَجَازَ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَعْنًى وَيُقَاسَ عَلَيْهِ دَلِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ فِيهِ الْخَبَرُ صَارَ أَصْلًا فِي نَفْسِهِ، فَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ كَالْقِيَاسِ عَلَى بَاقِي الْأُصُولِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>