كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» وَالْحَالُ كَالْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ.
الرَّابِعُ: مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ لَكِنَّ الْمُسْتَثْنَى مَعْقُولُ الْمَعْنَى، كَبَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فِي الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَةِ الرِّبَا عِنْدَنَا وَاقْتَطَعَ عَنْهَا بِحَاجَةِ الْمَحَاوِيجِ وَقَاسَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْعِنَبَ عَلَى الرُّطَبِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ. وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُخَرَّجَ فِيهِ قَوْلَانِ لِاخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِيمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ هَلْ يُنَجِّسُ؟ إنَّمَا الدَّلِيلُ وَالْقِيَاسُ التَّنْجِيسُ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّقْلُ فِي الذُّبَابِ الْخَارِجِ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمُمَهَّدَةِ. وَمِنْهُ: أَنَّ الْإِتْمَامَ أَصْلٌ وَالْقَصْرَ رُخْصَةٌ، ثُمَّ إنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، فَهَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ أَمْ يَجُوزُ زَائِدًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَدْرَكَهُمَا هَذَا. وَمِنْهُ: أَنْ تَحْرُمَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ ثُمَّ إنَّهُ تَزَوَّجَ تِسْعًا، فَهَلْ يَنْحَصِرُ فِيهِنَّ أَوْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، لَكِنَّ الْأَرْجَحَ الْجَوَازُ هُنَا، وَفِي تِلْكَ الْمَنْعُ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِيهَا عَلَى مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَّا وَمِنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ، إلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا يَعْنِي إذَا عُرِفَتْ عِلَّتُهُ وَنَسَبَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي التَّلْخِيصِ لِكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ، لَكِنَّ الْمُجَوِّزَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ لَا يُسَمِّيهِ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْقِيَاسِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَنَسَبَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " لِلْجُمْهُورِ وَقَالَ: إنَّهُ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِمْ.
وَالثَّالِثُ: إنْ ثَبَتَ الْمُسْتَثْنَى بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ جَازَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ شِجَاعٍ الْبَلْخِيّ مِنْهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي فِي " الْمُلَخَّصِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute