للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُ: رُخَصُ السَّفَرِ وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْمُضْطَرُّ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ جَوَّزَ الْجَمْعَ بِالْمَرَضِ قِيَاسًا عَلَى السَّفَرِ، وَعِنْدَ الْغَزَالِيِّ مِنْ هَذَا ضَرْبُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَخَالَفَ إمَامَهُ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ مِمَّا عُقِلَ مَعْنَاهُ، وَتَعَلُّقُ الْأَرْشِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَقِسْ الْأَرْشَ عَلَى الدِّيَةِ فِي الْعَقْلِ: وَلَا أَقِيسُ عَلَى الدِّيَةِ غَيْرَهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْجَانِيَ أَوْلَى أَنْ يَغْرَمَ جِنَايَتَهُ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا يَغْرَمُهَا عَنْ الْخَطَأِ فِي الْجِرَاحِ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْقَاتِلِ خَطَأَ دِيَةٍ وَرَقَبَةٍ، فَزَعَمَتْ أَنَّ الرَّقَبَةَ فِي مَالِهِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنَايَتِهِ، وَأَخْرَجَتْ الدِّيَةَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اتِّبَاعًا انْتَهَى.

الثَّالِثُ: مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ وَثَبَتَ اخْتِصَاصُ الْمُسْتَثْنَى بِحُكْمِهِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ فُهِمَ مِنْ الشَّرْعِ الِاخْتِصَاصُ بِالْمَحَلِّ الْمُسْتَثْنَى، وَفِي الْقِيَاسِ إبْطَالُ الِاخْتِصَاصِ بِهِ، سَوَاءٌ لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ كَاخْتِصَاصِ خُزَيْمَةَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ أَوْ عُقِلَ كَاخْتِصَاصِ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِعَنَاقٍ نَظَرًا لِفَقْرِهِ، فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ غَيْرُهُ لِأَجْلِ صَرِيحِ الْمَنْعِ مِنْ الشَّارِعِ: «وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك» ثُمَّ تَارَةً يُعْلَمُ الِاخْتِصَاصُ بِالتَّنْصِيصِ، وَتَارَةً بِغَيْرِهِ، كَقَبُولِ الْوَاحِدِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ ذُو الْحِجَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَاشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَى وَالثَّلَاثَةِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِعْسَارِ عَلَى وَجْهٍ، لِأَجْلِ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ إلْكِيَا: التَّخْصِيصُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: تَخْصِيصُ عَيْنٍ، أَوْ مَكَان أَوْ حَالٍ. فَالْعَيْنُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: ٥٠] وَالْمَكَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>