عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى مَا طَرِيقُ حُكْمِهِ مَعْلُومٌ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى مَا طَرِيقُ حُكْمِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ. وَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَسْتَوِي الْقِيَاسَانِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَخْتَصُّ بِأَنَّ طَرِيقَ حُكْمِهِ مَعْلُومٌ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ عِلَّتِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ، وَهَذَا الْقِيَاسُ طَرِيقُ حُكْمِهِ مَظْنُونٌ، وَطَرِيقُ عِلَّتِهِ مَعْلُومٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ اخْتَصَّ بِحَظٍّ مِنْ الْقُوَّةِ. هَذَا كَلَامُهُ فِي " الْمَحْصُولِ " وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَتْبَاعِهِ مِنْهُمْ الْبَيْضَاوِيُّ فِي " الْمَنْهَجِ ": وَالْحَقُّ أَنَّهُ يُطْلَبُ التَّرْجِيحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، اعْتَرَضَهُ الْهِنْدِيُّ فَقَالَ: فِيهِ نَظَرٌ:
أَمَّا (أَوَّلًا) فَلِأَنَّهُ إنْ عُنِيَ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُرَادَنَا بِالْأَصْلِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ هُوَ اصْطِلَاحُ نَفْسِهِ فَلَا مُنَاقَشَةَ، لِأَنَّ الْخَصْمَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا الْأَصْلِ يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَيَمْنَعُ أَنَّ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ كَالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ كُلَّ هَذَا مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: " مُؤَكَّدَةٌ " لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ مَا سَبَقَهُ لَيْسَ دَلِيلًا حَتَّى يَكُونَ تَأْكِيدًا لَهُ، وَدَعْوَاهُ " إنَّ الْعُمُومَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ قِيَاسٍ يَخُصُّهُ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ الْقِيَاسُ عَلَى الْعُمُومِ مَانِعًا مِنْ قِيَاسٍ يُخَالِفُهُ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ أَقْوَى مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْعُمُومِ " مَمْنُوعٌ، لِأَنَّ عُمُومَ الْقِيَاسِ أَقْوَى مِنْ الْعُمُومِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّخْصِيصِ، بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ. بِخِلَافِ الْعُمُومِ فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّخْصِيصِ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِنْ عُنِيَ بِهِ اصْطِلَاحُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مَا يُقَاسُ، فَمَنْ مَنَعَ الْقِيَاسَ عَلَى الْمَعْدُولِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ سَوَاءٌ أَثْبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ أَوْ غَيْرِ مَقْطُوعٍ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا أَصْلًا عِنْدَهُ؟
وَأَمَّا (ثَانِيًا) فَدَعْوَاهُ التَّسَاوِي فِيمَا إذَا كَانَتْ عِلَّتُهُ مَنْصُوصَةً إنْ أَرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute