قَالَ: مَهْمَا وُجِدَ الْوَصْفُ فَاعْلَمُوا أَنَّ الْحُكْمَ الْفُلَانِيَّ حَاصِلٌ فِي ذَلِكَ التَّمْثِيلِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ مَعْنَى الْعِلَّةِ مَا قَضَى الشَّارِعُ بِالْحُكْمِ عِنْدَ الْحِكْمَةِ، لَا أَنَّهَا صِفَةٌ زَائِدَةٌ. الثَّالِثُ:
بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَنْحَلُّ إشْكَالٌ أَوْرَدَهُ نُفَاةُ الْقِيَاسِ وَهُوَ: كَيْفَ ثَبَتَ حُكْمُ الْفَرْعِ بِغَيْرِ ثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ؟ وَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ. كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَحُكْمَ الْفَرْعِ ثَابِتٌ بِالْإِلْحَاقِ كَتَحْرِيمِ النَّبِيذِ، فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ، وَالطَّرِيقُ مُخْتَلِفٌ، فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا؟ وَجَوَابُهُ: أَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الْحُكْمَ فِي مَحَلِّ النَّصِّ بِالْعِلَّةِ، لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ هَذَا السُّؤَالُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَعْنَى الْإِسْكَارِ فِي الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ. وَمَنْ أَثْبَتَ فِي الْأَصْلِ بِالنَّصِّ قَالَ: الْمَقْصُودُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ لَا تَعْيِينُ طَرِيقِهِ بِكَوْنِهِ نَصًّا أَوْ قِيَاسًا، أَوْ نَصًّا فِي الْأَصْلِ قِيَاسًا فِي الْفَرْعِ، لِأَنَّ الطَّرِيقَ وَسِيلَةٌ وَالْحُكْمَ مَقْصِدٌ، وَمَعَ حُصُولِ الْمَقْصِدِ لَوْ قُدِّرَ عَدَمُ الْوَسَائِلِ لَمْ يَضُرَّ، فَضْلًا عَنْ اخْتِلَافِهَا، وَهَذَا كَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْبِلَادِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ دَخَلَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute