للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ جَعَلَ تِلْكَ الصُّورَةَ أَصْلًا وَالْأُخْرَى فَرْعًا أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَالْقِيَاسُ فِيهِ جَائِزٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا نَقَلَهُ فِي " الْمَحْصُولِ " لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتَ الْحُكْمِ بَلْ الِاسْتِظْهَارَ بِتَكْثِيرِ الْحُجَجِ. وَتَرَادُفُ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْمَدْلُولِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ لِإِفَادَةِ زِيَادَةِ الظَّنِّ. وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ قِيَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَأَطْلَقَ الْآمِدِيُّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ، وَنَقَلَ الدَّبُوسِيُّ فِي " التَّقْوِيمِ " الْجَوَازَ مُطْلَقًا عَنْ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: جَوَّزَ الشَّافِعِيُّ كَوْنَ الْفَرْعِ فِيهِ نَصٌّ وَيَزْدَادُ بِالْقِيَاسِ بَيَانُ مَا كَانَ النَّصُّ سَاكِتًا عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ.

السَّادِسُ: شَرَطَ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيَّ انْتِفَاءَ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ يُوَافِقُهُ، أَيْ لَا يَكُونُ مَنْصُوصًا عَلَى شَبَهِهِ بِخِلَافِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي نَصِّهِ هُوَ. وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا غَيْرُ شَرْطٍ، وَفَائِدَةُ الْقِيَاسِ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ أَوْ الْحُكْمِ، وَفَائِدَةُ النَّصِّ ثُبُوتُ الْحُكْمِ.

السَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ ثَابِتًا قَبْلَ الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُسْتَفَادَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ بِالضَّرُورَةِ، فَلَوْ تَقَدَّمَ مَعَ مَا ذَكَرْته مِنْ وُجُوبِ تَأَخُّرِهِ لَزِمَ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ أَوْ الضِّدَّيْنِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَهَذَا كَقِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ، لِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِالتَّيَمُّمِ إنَّمَا وَرَدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَالتَّعَبُّدَ بِالْوُضُوءِ كَانَ قَبْلَهُ وَنَازَعَ الْعَبْدَرِيُّ فِي الْمِثَالِ بِأَنَّهُ مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>