عَلَيْهِ بِآثَارِهِ. قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيلُ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ إذْ يَعْسُرُ تَعْيِينُ قَدْرٍ فِي الْأَصْلِ هُوَ ثَابِتٌ فِي الْفَرْعِ، وَأَيْضًا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ انْدَفَعَتْ النُّصُوصُ إذْ يُمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي مَحَلِّهَا مِنْ الْحُكْمِ غَيْرَ قَاصِرٍ عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ. قَالَ ابْنُ النَّفِيسِ فِي " الْإِيضَاحِ ": إنَّ الْأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَرِدُ حِينَئِذٍ مَنْعٌ يَعْسُرُ دَفْعُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لِمَ قُلْتُمْ: إنَّ هَذَا الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ قَدْرٌ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهِ؟ فَإِنَّ التَّعْلِيلَ بِالْحِكْمَةِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لِذَلِكَ الْحُكْمِ قَدْرٌ يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِكُلِّ حِكْمَةٍ.
الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً بِشَرْطِهَا، أَيْ بِحَيْثُ لَا يَرُدُّهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ. لِأَنَّ الْقِيَاسَ فَرْعٌ لَهَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ رَافِعًا لَهَا، فَإِذَا رَدَّهُ أَحَدُهُمَا بَطَلَ.
الْخَامِسُ: أَنْ لَا يُعَارِضَهَا مِنْ الْعِلَلِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا، فَإِنَّ الْأَقْوَى أَحَقُّ بِالْحُكْمِ، كَمَا أَنَّ النَّصَّ أَحَقُّ بِالْحُكْمِ مِنْ الْقِيَاسِ، وَمَا أَدَّى إلَى إبْطَالِ الْأَقْوَى فَهُوَ الْبَاطِلُ بِالْأَقْوَى. ذَكَرَهُ - وَاَلَّذِي يَلِيهِ - الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ.
السَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً، أَيْ كُلَّمَا وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ لِيَسْلَمَ مِنْ النَّقْضِ وَالْكَسْرِ، فَإِنْ عَارَضَهَا نَقْضٌ أَوْ كَسْرٌ فَعُدِمَ الْحُكْمُ مَعَ وُجُودِهَا بَطَلَتْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعِلَّةَ إمَّا عَقْلِيَّةٌ أَوْ سَمْعِيَّةٌ، فَالْعَقْلِيَّةُ يَمْتَنِعُ تَخْصِيصُهَا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ النَّظَرِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ فُورَكٍ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَابْنُ عَبْدَانَ، فِي شَرَائِطِ الْأَحْكَامِ، وَغَيْرُهُمْ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّرْعِيَّةِ. وَهِيَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَنْبَطَةً أَوْ مَنْصُوصَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً فَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِامْتِنَاعِ تَخْصِيصِهَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَبْقَى حُجَّةً فِيمَا وَرَاءَ الْحُكْمِ الْمَخْصُوصِ لِبُطْلَانِ الْوُثُوقِ بِهَا، وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: إنَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute