الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ] وَجُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إلَى بَدَلٍ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَإِذَا تَضَيَّقَ الْوَقْتُ تَعَيَّنَ الْفِعْلُ حَتَّى يَتَمَيَّزَ بِذَلِكَ الْوَاجِبُ عَنْ فِعْلِ النَّفْلِ، فَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ مَعَ الْعَزْمِ لَمْ يَعْصِ، وَهَذَا مَا صَارَ إلَيْهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْوَاضِحِ " عَنْ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي هَاشِمٍ، وَعَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيِّينَ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " عَنْ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ كَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَالْبَصْرِيُّ فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ إلَى الْعَزْمِ بَلْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِدُونِهِ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا. حَكَاهُمَا الْقَاضِيَانِ الطَّبَرِيُّ، وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ: وُجُوبُ الْعَزْمِ؛ وَلِهَذَا أَوْجَبُوهُ عَلَى الْمُسَافِرِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ، وَنَظِيرُ هَذَا الْمَدْيُونُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مَا لَمْ يُطَالَبْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى أَدَائِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ، وَمِمَّنْ أَنْكَرَ الْعَزْمَ عَلَى الْقَاضِي إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لِتَخَيُّلِهِ أَمْرَيْنِ نَسَبَهُمَا إلَيْهِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ أَخَذَ الْعَزْمَ مِنْ الصِّيغَةِ، وَلَا ظُهُورَ لَهُ مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ قَاطِعٌ فِيهِ عَلَى أَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ، فَكَيْفَ لَا يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِيهِ احْتِمَالٌ؟ . وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ جَعَلَ الْعَزْمَ بَدَلًا مِنْ نَفْسِ الْفِعْلِ حَتَّى إذَا وَجَبَ الْعَزْمُ سَقَطَ وُجُوبُ نَفْسِ الْفِعْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا أَخَذَ الْقَاضِي الْعَزْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute