وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: هَذَا الشَّرْطُ صَحِيحٌ إنْ عَنَى بِذَلِكَ إبْطَالَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَأَمَّا إذَا لَزِمَ فِيهِ تَخْصِيصُ الْحُكْمِ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ دُونَ الْبَعْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، لِأَنَّهُ كَتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ لِحُكْمِ نَصٍّ آخَرَ وَهُوَ جَائِزٌ، فَكَذَا هَذَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَطِيفٌ لَا يَنْتَهِي إلَى دَرَجَةِ أَنْ لَا يَجُوزَ بِذَلِكَ مَعَهُ. انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي تَوَقَّفَ فِيهِ وَلَمْ يَظْفَرْ فِيهِ بِنَقْلٍ قَدْ وَجَدْت النَّقْلَ بِخِلَافِهِ فِي كِتَابِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَتِلْمِيذِهِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ، فَشَرَطَا فِي الْعِلَّةِ: أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى أَصْلِهَا بِالتَّخْصِيصِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ اعْتَلُّوا لِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالْكَيْلِ، لِأَنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ بِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِمَا شَامِلٌ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْهُمَا، وَالْكَيْلُ يَخُصُّ الْكَثِيرَ دُونَ الْقَلِيلِ، فَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُوجِبُ فِي الْقَلِيلِ مِنْ أَصْلِهَا ضِدَّ مَا أَوْجَبَهُ النَّصُّ فِي ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ الْمُنْتَزَعَةُ مِنْ أَصْلٍ مُخَصَّصَةً لِأَصْلِهَا وَإِنْ جَازَ تَخْصِيصُ اسْمٍ آخَرَ غَيْرِ أَصْلِهَا بِهَا. انْتَهَى: وَاعْلَمْ أَنَّ فِي عَوْدِهَا عَلَى الْأَصْلِ بِالتَّخْصِيصِ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَسَبَقَتْ فِي بَابِ الْعُمُومِ.
الثَّامِنَ عَشَرَ: إنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تُعَارَضَ بِمُعَارِضٍ مُنَافٍ مَوْجُودٍ فِي الْأَصْلِ بِأَنْ تُبْدَى عِلَّةٌ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute