وَضُعِّفَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْقَاصِرَةِ، وَمَتَى حَدَثَ فَرْعٌ يُشَارِكُهَا فِي الْمَعْنَى خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ قَاصِرَةً. وَقَدْ نَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ فَائِدَتَهَا أَنَّا إذَا عَلَّلْنَا تَحْرِيمَ رِبَا الْفَضْلِ فِي النَّقْدَيْنِ بِالنَّقْدِيَّةِ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا التَّحْرِيمُ فِي الْفُلُوسِ إذَا جَرَتْ نُقُودًا، قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا خَرَفٌ مِنْ قَائِلِهِ وَخَبْطٌ عَلَى الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ جَرَيَانِ الرِّبَا فِي الْفُلُوسِ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَتْ نُقُودًا فَإِنَّ النَّقْدِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَطْبُوعَاتِ، وَالْفُلُوسُ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ وَإِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا قِيلَ لِصَاحِبِهِ: إنْ دَخَلَتْ الْفُلُوسُ تَحْتَ الدَّرَاهِمِ بِالنَّصِّ فَالْعِلَّةُ بِالنَّقْدِيَّةِ قَائِمَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا النَّصُّ فَالْعِلَّةُ مُتَعَدِّيَةٌ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْقَاصِرَةِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهَا تُفِيدُ بِعَكْسِهَا، فَإِذَا ثَبَتَ (النَّقْدِيَّةُ) عِلَّةً فِي النَّقْدَيْنِ فَعَدَمُ النَّقْدِيَّةِ مُشْعِرٌ بِانْتِفَاءِ تَحْرِيمِ الرِّبَا، وَالنَّصُّ عَلَى اللَّقَبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ. وَرَدَّهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ الِانْعِكَاسَ لَا يَتَحَتَّمُ فِي الْعِلَلِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ مَتَى زَالَتْ الصِّفَةُ عَنْهُ زَالَ الْحُكْمُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " (قَالَ) : وَيَجِبُ عَلَى هَذَا تَخْصِيصُ الْقَاصِرَةِ بِاَلَّتِي ثَبَتَتْ تَارَةً وَتَزُولُ أُخْرَى وَإِلَّا بَطَلَتْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ. قُلْت: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ وَصْفَانِ قَاصِرٌ وَمُتَعَدٍّ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ أَنَّ الْقَاصِرَةَ عِلَّةٌ، هَلْ يَمْتَنِعُ التَّعْلِيلُ بِالْمُتَعَدِّيَةِ أَمْ لَا، فَعِنْدَنَا يَمْتَنِعُ إنْ مَنَعْنَا اجْتِمَاعَ عِلَّتَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِغَلَبَةِ الْوَصْفِ الْقَاصِرِ.
وَمِنْ فَوَائِدِهِ: إذَا عُورِضَتْ عِلَّةُ الْأَصْلِ بِوَصْفٍ قَاصِرٍ لِيَقْطَعَ الْقِيَاسَ فَاحْتَاجَ إلَى دَفْعِ الْمُعَارَضَةِ، فَهَلْ يَكْفِي فِي إفْسَادِ الْوَصْفِ قُصُورُهُ أَوْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مُفْسِدًا؟ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ جَعْلِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ " (الْقُصُورَ) مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ الْفَاسِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ، إذْ الْقُصُورُ يُنَافِي الْقِيَاسَ، ثُمَّ اخْتَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute