لِافْتِرَاقِهَا فِي الْحُكْمِ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ اتِّفَاقُهَا فِي الِاسْمِ عِلَّةً، لِاتِّفَاقِهَا فِي الْحُكْمِ، وَقَالَ أَهْلُ الرَّأْيِ فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّكْرَارِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ: إنَّهُ مَسْحٌ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي زَكَاةِ الْعَوَامِلِ: إنَّهَا تَعُمُّ قِيَاسًا عَلَى السَّائِمَةِ (انْتَهَى) وَنَقَلَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ.
وَ (الثَّانِي) الْمَنْعُ لَقَبًا وَمُشْتَقًّا. وَ (الثَّالِثُ) التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُشْتَقِّ فَيَجُوزُ، وَبَيْنَ اللَّقَبِ فَلَا، حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّبْصِرَةِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي التَّقْرِيبِ. وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي بَابِ الرِّبَا فِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الرِّبَوِيِّ الطُّعْمُ: الْحُكْمُ مَتَى عُلِّقَ بِاسْمٍ مُشْتَقٍّ مِنْ مَعْنًى يَصِيرُ مَوْضِعُ الِاشْتِقَاقِ عِلَّةً. وَحَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ وَجْهًا أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِشَرْطِ الْإِخَالَةِ وَالْمُنَاسَبَةِ، وَنَسَبَهُ لِلْحَنَفِيَّةِ. وَهَذَا يَقْتَضِي (مَذْهَبًا رَابِعًا) وَهُوَ التَّفْصِيلُ فِي الْمُشْتَقِّ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ ": إنْ كَانَ الِاسْمُ يُفِيدُ مَعْنًى فِي الْمُسَمَّى جَازَ التَّعْلِيلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَقَبًا فَفِي جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِهِ قَوْلَانِ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي أَدَبِ الْجَدَلِ: إنْ كَانَ الْوَصْفُ اسْمًا مُشْتَقًّا فَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ، كَبَغْلٍ وَحِمَارٍ وَدَابَّةٍ وَدَارٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ الْجَوَازَ. وَ (الثَّانِي) الْمَنْعُ كَالْوَصْفِ مِنْ اسْمٍ وَلَقَبٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو. وَفِي الْأُمِّ: فِي بَوْلِ الْحَيَوَانِ تَعْلِيقُ حُكْمٍ بِاسْمٍ (قَالَ) : وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ لَكَانَ جَائِزًا، فَإِذَا اسْتَنْبَطَهُ الْمُعَلِّلُ فَكَذَلِكَ (انْتَهَى) وَهَذَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِالْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ. أَمَّا الْمَنْصُوصَةُ مِنْ الشَّارِعِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْوَجِيزِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بُيُوعِ الْحَاوِي: يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِالِاسْمِ الْمُشْتَقِّ، كَعَاقِلٍ وَقَاتِلٍ وَوَارِثٍ، وَبِالِاسْمِ إذَا عَبَّرَ بِهِ عَنْ الْجِنْسِ، كَمَا جَازَ التَّعْلِيلُ بِالصِّفَةِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ فِي نَجَاسَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ: لِأَنَّهُ بَوْلٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا قِيَاسًا عَلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute